الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩ - حرف الميم - منفعة - الأصل في المنافع الإذن - المسلك الخامس
بَقَاءُ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَرْكِ الْعَمَل بِهِ فِيمَا وَقَعَ اتِّفَاقُ الْخَصْمِ عَلَى كَوْنِهِ مَانِعًا فَيَبْقَى فِي غَيْرِهِ عَلَى الأَْصْل (١) .
الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الأَْعْيَانَ إِمَّا لاَ لِحِكْمَةٍ أَوْ لِحِكْمَةٍ وَالأَْوَّل بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾ (٢) وَقَوْلِهِ: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ (٣) وَلأَِنَّ الْفِعْل الْخَالِيَ عَنِ الْحِكْمَةِ عَبَثٌ وَالْعَبَثُ لاَ يَلِيقُ بِالْحَكِيمِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ خَلَقَهَا لِحِكْمَةٍ فَتِلْكَ الْحِكْمَةُ إِمَّا عَوْدُ النَّفْعِ إِلَيْهِ أَوْ إِلَيْنَا.
وَالأَْوَّل مُحَالٌ لاِسْتِحَالَةِ الاِنْتِفَاعِ عَلَيْهِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا خَلَقَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا الْمُحْتَاجُونَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخَلْقِ نَفْعَ الْمُحْتَاجِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ نَفْعُ الْمُحْتَاجِ مَطْلُوبَ الْحُصُول أَيْنَمَا كَانَ.
فَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَإِنَّمَا يُمْنَعُ لأَِنَّهُ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ رُجُوعُ ضَرَرٍ إِلَى مُحْتَاجٍ فَإِذَا نَهَانَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَعْضِ الاِنْتِفَاعَاتِ عَلِمْنَا أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْهَا لِعِلْمِهِ بِاسْتِلْزَامِهَا لِلْمَضَارِّ، إِمَّا فِي الْحَال أَوْ فِي الْمَآل وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى خِلاَفِ
_________
(١) المحصول الجزء الثاني القسم الثالث ص ١٣٩ - ١٤٠.
(٢) سورة الأنبياء / ١٦.
(٣) سورة المؤمنون / ١١٥.