الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٨ -
الْمُتَأَخِّرِينَ النِّزَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَال: الْقَائِل بِالْمُضَاعَفَةِ: أَرَادَ مُضَاعَفَةَ مِقْدَارِهَا أَيْ غِلَظَهَا لاَ كَمِّيَّتَهَا فِي الْعَدَدِ، فَإِنَّ السَّيِّئَةَ جَزَاؤُهَا سَيِّئَةٌ، لَكِنَّ السَّيِّئَاتِ تَتَفَاوَتُ، فَالسَّيِّئَةُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبِلاَدِهِ عَلَى بِسَاطٍ أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْهَا فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْبِلاَدِ، وَلِهَذَا لَيْسَ مَنْ عَصَى الْمَلِكَ عَلَى بِسَاطِ مُلْكِهِ كَمَنْ عَصَاهُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ عَنْهُ.
وَيُعَاقَبُ عَلَى الْهَمِّ فِيهَا بِالسَّيِّئَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا.
قَال تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وَلِهَذَا عُدِّيَ فِعْل الإِْرَادَةِ بِالْبَاءِ.
وَلاَ يُقَال: أَرَدْتُ بِكَذَا، لَمَّا ضَمَّنَهُ مَعْنَى يَهِمُّ، فَإِنَّهُ يُقَال: هَمَمْتُ بِكَذَا.
وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ الْهَمِّ بِالسَّيِّئَةِ وَعَدَمِ فِعْلِهَا.
كُل ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَل اللَّهُ ﷾ بِأَصْحَابِ الْفِيل.
أَهْلَكَهُمْ قَبْل الْوُصُول إِلَى بَيْتِهِ.
وَقَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَمَّ أَنْ يَقْتُل فِي الْحَرَمِ أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ الأَْلِيمِ ثُمَّ قَرَأَ الآْيَةَ.
وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: " مَا مِنْ بَلَدٍ يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ فِيهِ بِالْهَمِّ قَبْل الْفِعْل إِلاَّ مَكَّةَ وَتَلاَ هَذِهِ الآْيَةَ (١) .
_________
(١) إعلام الساجد بأحكام المساجد ص ١٢٨، ١٢٩.