الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٨ - حرف الميم - معلم - ما يتعلق بالمعلم من أحكام - تصرف المعلم مع من يعلمهم
تَصَرُّفُ الْمُعَلِّمِ مَعَ مَنْ يُعَلِّمُهُمْ
٩ - قَال النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يُؤَدِّبَ الْمُتَعَلِّمَ عَلَى التَّدْرِيجِ بِالآْدَابِ السُّنِّيَّةِ وَالشِّيَمِ الْمَرْضِيَّةِ وَرِيَاضَةِ نَفْسِهِ بِالآْدَابِ وَالدَّقَائِقِ الْخَفِيَّةِ وَتَعَوُّدِهِ الصِّيَانَةَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ الْكَامِنَةِ وَالْجَلِيَّةِ، وَأَوَّل ذَلِكَ أَنْ يُحَرِّضَهُ بِأَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ الْمُتَكَرِّرَاتِ عَلَى الإِْخْلاَصِ وَالصَّدْقِ وَحُسْنِ النِّيَّاتِ وَمُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ اللَّحَظَاتِ وَأَنْ يَكُونَ دَائِمًا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى الْمَمَاتِ، وَيُعَرِّفَهُ أَنَّ بِذَلِكَ تَتَفَتَّحُ عَلَيْهِ أَبْوَابُ الْمَعَارِفِ وَيَنْشَرِحُ صَدْرُهُ وَتَتَفَجَّرُ مِنْ قَلْبِهِ يَنَابِيعُ الْحِكَمِ وَاللَّطَائِفِ وَيُبَارَكُ لَهُ فِي حَالِهِ وَعِلْمِهِ وَيُوَفَّقُ لِلإِْصَابَةِ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَحُكْمِهِ (١) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَغِّبَهُ فِي الْعِلْمِ وَيُذَكِّرَهُ بِفَضَائِلِهِ وَفَضَائِل الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الأَْنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنُوَ عَلَيْهِ وَيَعْتَنِيَ بِمَصَالِحِهِ كَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ، وَأَنْ يَصْبِرَ عَلَى جَفَائِهِ وَسُوءِ أَدَبِهِ، وَيَعْذُرَهُ فِي سُوءِ أَدَبٍ وَجَفْوَةٍ تَعْرِضُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ فَإِنَّ الإِْنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلنَّقَائِصِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُحِبَّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَيَكْرَهُ لَهُ مَا يَكْرَهُهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الشَّرِّ، فَفِي
_________
(١) المجموع للنووي ١ / ٣٠.