الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٨ -
جَوْفِ الْمُدُنِ الإِِْسْلاَمِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الضَّوَاحِي، فَأُدِيرَ السُّورُ عَلَيْهَا فَأَحَاطَ بِهَا، وَعَلَى هَذَا فَالْكَنَائِسُ الْمَوْضُوعَةُ الآْنَ فِي دَارِ الإِِْسْلاَمِ - غَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ - كُلُّهَا يَنْبَغِي أَنْ لاَ تُهْدَمَ، لأَِنَّهَا إِنْ كَانَتْ فِي أَمْصَارٍ قَدِيمَةٍ، فَلاَ شَكَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَوِ التَّابِعِينَ حِينَ فَتَحُوا الْمَدِينَةَ عَلِمُوا بِهَا وَأَبْقَوْهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ فَإِِنْ كَانَتِ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً حَكَمْنَا بِأَنَّهَا بَقَّوْهَا مَسَاكِنَ لاَ مَعَابِدَ فَلاَ تُهْدَمُ، وَلَكِنْ يُمْنَعُونَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ فِيهَا لِلتَّقَرُّبِ، وَإِِنْ عُرِفَ أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا حَكَمْنَا بِأَنَّهُمْ أَقَرُّوهَا مَعَابِدَ فَلاَ يُمْنَعُونَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ فِيهَا بَل مِنَ الإِِْظْهَارِ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْكَنَائِسَ الْقَدِيمَةَ تُتْرَكُ لأَِهْل الذِّمَّةِ فِيمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ فَسَكَنُوهُ مَعَهُمْ، وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ: لاَ يَجُوزُ الإِِْحْدَاثُ مُطْلَقًا وَلاَ يُتْرَكُ لَهُمْ كَنِيسَةً (٢) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْبِلاَدِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النَّارِ وَجُهِل أَصْلُهُ لاَ يُنْقَضُ لاِحْتِمَال أَنَّهَا كَانَتْ قَرْيَةً أَوْ بَرِّيَةً فَاتَّصَل بِهَا عُمْرَانُ مَا أُحْدِثَ مِنَّا، بِخِلاَفِ مَا
_________
(١) فتح القدير ٤ / ٣٧٨، وحاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٣، والفتاوى الهندية ٢ / ٢٤٨.
(٢) الحطاب ٣ / ٣٨٤.