الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٨ -
وَالْوَفَاءُ لِدَائِنِيهِ، وَلاَ تَحِل مُطَالَبَتُهُ وَلاَ مُلاَزَمَتُهُ وَلاَ مُضَايَقَتُهُ، لأَِنَّ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ أَوَجَبَ إِنْظَارُهُ إِلَى وَقْتِ الْمَيْسَرَةِ فَقَال: ﴿وَإِِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ . (١)
قَال ابْنُ رُشْدٍ: لأَِنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالدَّيْنِ إِنَّمَا تَجِبُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الأَْدَاءِ، فَإِِذَا ثَبَتَ الإِِْعْسَارُ فَلاَ سَبِيل إِلَى الْمُطَالَبَةِ، وَلاَ إِلَى الْحَبْسِ بِالدَّيْنِ، لأَِنَّ الْخِطَابَ مُرْتَفِعٌ عَنْهُ إِلَى أَنْ يُوسِرَ (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيُّ: لَوْ جَازَتْ مُؤَاخَذَتُهُ لَكَانَ ظَالِمًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ بِظَالِمِ لِعَجْزِهِ (٣)، بَل إِنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ قَال: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمِدْيَانُ غَنِيًّا، فَمَطْلُهُ عَدْلٌ، وَيَنْقَلِبُ الْحَال عَلَى الْغَرِيمِ، فَتَكُونُ مُطَالَبَتُهُ ظُلْمًا (٤)، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: ﴿وَإِِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ مُلاَزَمَةَ الدَّائِنِ لِمَدِينِهِ الْمُعْسِرِ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِ الإِِْنْظَارَ بِالنَّصِّ (٥) .
وَقَدْ بَيَّنَ الْمُصْطَفَى ﷺ فَضْل إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَثَوَابَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال، سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ
_________
(١) سورة البقرة / ٢٨٠.
(٢) المقدمات الممهدات ٢ / ٣٠٦
(٣) فتح الباري ٤ / ٤٦٦.
(٤) عارضة الأحوذي ٦ / ٤٧
(٥) الاختيار شرح المختار ٢ / ٩٠