الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٨ - حرف الميم - مضاربة - شروط المضاربة - ما يتعلق برأس مال المضاربة من الشروط - رابعا كون رأس مال المضاربة مسلما إلى العامل - المضاربة بالوديعة
شَخْصٌ مَالًا لِيَعْمَل فِيهِ هُوَ وَآخَرُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ، وَيَكُونُ مُضَارَبَةً (١) .
الْمُضَارَبَةُ بِالْوَدِيعَةِ
٢٥ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَصِحُّ بِالْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْعَامِل أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ قَال رَبُّ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ: ضَارِبْ بِالْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَكَ وَالرِّبْحُ مُنَاصَفَةً بَيْنَنَا، أَوْ قَال لآِخَرَ: ضَارِبْ بِالْوَدِيعَةِ الَّتِي لِي عِنْدَ فُلاَنٍ - مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهَا - فَقَبِل كُلٌّ مِنْهُمَا، فَإِِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَنْعَقِدُ صَحِيحَةً، لأَِنَّ الْيَدَ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَصْفُهَا، فَهِيَ قَبْل الْمُضَارَبَةِ وَحَال كَوْنِهَا وَدِيعَةً يَدُ أَمَانَةٍ، وَهِيَ بَعْدَ الْمُضَارَبَةِ يَدُ أَمَانَةٍ كَذَلِكَ، وَلأَِنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكُ رَبِّ الْمَال فَجَازَ أَنْ يُضَارِبَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ، فَإِِنْ كَانَتْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهٍ يَضْمَنُهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَارِبَ عَلَيْهَا لأَِنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا (٢) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ بِالْوَدِيعَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِ الْعَامِل، وَذَلِكَ لاِحْتِمَال كَوْنِ الْمُودَعِ أَنْفَقَهَا فَتَكُونُ دَيْنًا، وَالْمُضَارَبَةُ لاَ تَصِحُّ بِالدَّيْنِ، إِلاَّ أَنْ يُحْضِرَ
_________
(١» الإنصاف ٥ / ٤٣٢.
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ٨٣، وروضة الطالبين ٥ / ١١٨، ومطالب أولي النهى ٣ / ٥٢٢، ٥٢٣.