الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٨
مس الجنب والمحدث للمصحف بغير باطن اليد
حمل غير المتطهر للمصحف وتقليبه لأوراقه وكتابته له
من يستثنى من تحريم مس المصحف على غير طهارة
مس غير المتطهر المصحف المكتوب بحروف أعجمية وكتب ترجمة معاني القرآن
صيانة المصحف عن الاتصال بالنجاسات
القراءة من المصحف في الصلاة وغيرها
إصلاح ما قد يقع في كتابة بعض المصاحف من الخطأ
النقط والشكل ونحو ذلك في المصاحف
منع الكافر من تملك المصحف والتصرف فيه
مس الكافر المصحف وعمله في نسخ المصاحف وتصنيعها
استثناء المصحف من جزاء الغال بحرق متاعه
آداب تناول المصحف وتكريمه وحفظه
شروط المصدق إذا كان عام الولاية فيها
اشتراط المصر لوجوب الجمعة وصحتها
صلاة الجمعة على من كان خارج المصر
إنشاء السفر من المصر يوم الجمعة
مضاجعة الرجل الرجل، والمرأة المرأة
ما يتعلق برأس مال المضاربة من الشروط
أولا كون رأس المال من الدراهم والدنانير
ثانيا كون رأس مال المضاربة معلوما
المضاربة بأحد الكيسين أو الصرتين
ثالثا كون رأس مال المضاربة عينا
رابعا كون رأس مال المضاربة مسلما إلى العامل
الأول ما له عمله من غير نص عليه
الثاني ما ليس للمضارب عمله إلا بالنص عليه
الثالث ما للمضارب عمله إذا قيل له اعمل برأيك وإن لم ينص عليه
الشروط الفاسدة في عقد المضاربة
معاملة المضارب المالك بمال المضاربة
ما يستحقه المضارب في المضاربة الصحيحة
الزيادة الحاصلة من مال المضاربة
أولا - اختلاف رب المال والمضارب في العموم والخصوص
ثانيا - اختلاف رب المال والمضارب في قدر رأس المال
ثالثا - الاختلاف بين رب المال والمضارب في أصل المضاربة
اختلافهما في كون رأس المال مضاربة أو قرضا
اختلافهما في كون رأس المال مضاربة أو بضاعة
اختلافهما في كون رأس المال مضاربة أو غصبا
رابعا - اختلاف رب المال والمضارب في كون ما اشتري للمضاربة أو للعامل
سادسا - اختلاف رب المال والمضارب في صحة عقد المضاربة أو فساده
سابعا - اختلاف رب المال والمضارب في تلف رأس المال
ثامنا - اختلاف رب المال والمضارب في الربح الحاصل بالمضاربة
تاسعا - اختلاف رب المال والمضارب في قدر الجزء المشروط من الربح
عاشرا - اختلاف رب المال والمضارب في رد رأس المال
ثانيا فقدان أهلية أحدهما أو نقصها
خامسا استرداد رب المال رأس مال المضاربة
أثر إسقاط المضغة في وقوع الطلاق المعلق وفي النفاس
أقوال الفقهاء في اختلاف المطالع وأدلتهم
أهم الآثار المترتبة على اعتبار اختلاف المطالع
أولا مطل المدين المعسر الذي لا يجد وفاء لدينه
ثانيا مطل المدين الغني الذي منعه العذر عن الوفاء
ثالثا مطل المدين الموسر بلا عذر
منعه من فضول ما يحل له من الطيبات
تمكين الدائن من فسخ العقد الموجب للدين
بيع الحاكم مال المدين المماطل جبرا
أقسام المظالم باعتبار ما تضاف إليه من الحقوق
الفرق بين اختصاص المظالم واختصاص القضاء
الفرق بين اختصاص المظالم والحسبة
طرق النظر في المظالم ومكانه وأوقاته
ثانيا التدابير المؤقتة في النظر بالمظالم
سابعا القضاء بالسياسة الشرعية في المظالم
توقف قبول التوبة على رد المظالم
إحداث المعابد في أمصار المسلمين
المعابد القديمة في المدن التي أحدثها المسلمون
اعتقاد الكنيسة بيت الله واعتقاد زيارتها قربة
الإذن في دخول الكنيسة والإعانة عليه
أثر المعانقة في نشر حرمة المصاهرة
الرجوع عن عقد المعاوضة لإفلاس أحد الطرفين
القطع من المعصم في حد السرقة والحرابة
ما يجوز النظر إليه من المرأة عند الخطبة
أقسام المعاصي باعتبار ما يترتب عليها من عقوبة
أقسام المعاصي باعتبار ميل النفس إليها
أحوال الناس في فعل الطاعات واجتناب المعاصي
أثر مقارنة المعاصي لأسباب الرخص
إعطاء الزكاة لابن السبيل المسافر في معصية
أخذ الأجرة على تعليم الحرف والعلوم غير الشرعية
ما يعطى للمعلم زيادة على الأجرة
امتناع مفارقة المأموم صلاة الجماعة بدون عذر
جواز مفارقة المأموم صلاة الجماعة بعذر
شرط مفارقة البنيان في قصر صلاة المسافر
شرط مفارقة البنيان في فطر المسافر
كيفية المفارقة التي يلزم بها البيع
اعتبار المفارقة في العقود الأخرى
أولا الجمع بين أكثر من أربع زوجات.
ثانيا الجمع بين من يحرم الجمع بينهن
خامسا مصالحة الزوجة زوجها حتى لا يفارقها
سادسا مفارقة الجالسين في الأمكنة العامة أماكنهم
ما يقرأ من المفصل في الصلوات الخمس
ما يجب على زوجة المفقود بعد التربص
ما يترتب على حكم الحاكم بالتفريق
ثالثا في الإنفاق من مال المفقود
الحالة الثالثة اعتبار المفقود ميتا
تنصيف مهر المفوضة إذا طلقت قبل الدخول
وجوب المتعة للمفوضة إذا طلقت قبل الدخول
ما يراعى عندما يفرض للمفوضة مهر
ما يناط بالفرق من الأحكام الشرعية
ما يناط بالمد من الأحكام الشرعية
ما يناط بالمكوك من أحكام شرعية
ما يناط بالأوقية من الأحكام الشرعية
ما يناط بالرطل من الأحكام الشرعية
ما يناط بالبريد من الأحكام الشرعية
ما يناط بالجريب من الأحكام الشرعية
الأحكام الشرعية المنوطة بالذراع
ما يناط بالشبر من الأحكام الشرعية
ما يناط بالشعيرة من الأحكام الشرعية
ما يناط بالفرسخ من الأحكام الشرعية
ما يناط بالمرحلة من الأحكام الشرعية
ما يناط بالميل من الأحكام الشرعية
مقاسمة الساعي الثمرة بعد جنيها في الرطب والعنب
مقاصة دين الزوج بنفقة زوجته ومهرها
الأحكام المتعلقة بمقام إبراهيم
درس المقبرة والاستفادة منها ونبشها
مقدمات الجماع في حرمة المصاهرة
الأماكن التي نهي عن الصلاة فيها
القسم الثاني المكروه كراهة تحريم.
أثر أخذ المكوس في سقوط وجوب الحج
تراجم فقهاء الجزء الثامن والثلاثين
أبو صالح السمان (ولد في خلافة عمر - ١٠١هـ)
السروجي (٦٣٧ وقيل ٦٣٩ - ٧١٠ وقيل ٧٠١ هـ)
صاحب الأنوار (؟ - ٧٩٩، قيل ٧٦٦هـ)
فيروز الديلمي (؟ - توفي في زمن عثمان وقيل ٥٣هـ)
مُصْحَفٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الْمُصْحَفُ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَيَجُوزُ الْمِصْحَفُ بِكَسْرِهَا، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَهُوَ لُغَةً: اسْمٌ لِكُل مَجْمُوعَةٍ مِنَ الصُّحُفِ الْمَكْتُوبَةِ ضُمَّتْ بَيْنَ دَفَّتَيْنِ، قَال الأَْزْهَرِيُّ: وَإِِنَّمَا سُمِّيَ الْمُصْحَفُ مُصْحَفًا لأَِنَّهُ أُصْحِفَ، أَيْ جُعِل جَامِعًا لِلصُّحُفِ الْمَكْتُوبَةِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ (١) .
وَالْمُصْحَفُ فِي الاِصْطِلاَحِ: اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ فِيهِ كَلاَمُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.
وَيَصْدُقُ الْمُصْحَفُ عَلَى مَا كَانَ حَاوِيًا لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُسْمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلًا كَحِزْبٍ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَلْيُوبِيُّ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: يَشْمَل مَا كَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا أَوْ جُزْءًا أَوْ وَرَقَةً فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ أَوْ لَوْحًا أَوْ كَتِفًا مَكْتُوبَةً (٢) .
_________
(١) لسان العرب، والمعجم الوسيط.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١ / ١٢٥، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج ١ / ٣٥.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْقُرْآنُ:
١ - الْقُرْآنُ لُغَةً: الْقِرَاءَةُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ (١) .
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: اسْمٌ لِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّل عَلَى رَسُولِهِ مُحَمِّدٍ ﷺ الْمُتَعَبَّدِ بِتِلاَوَتِهِ، الْمَكْتُوبِ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَنْقُول إِِلَيْنَا نَقْلًا مُتَوَاتَرًا (٢) .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ: أَنَّ الْمُصْحَفَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الْمَجْمُوعِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَالْجِلْدِ، وَالْقُرْآنُ اسْمٌ لِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَكْتُوبِ فِيهِ (٣) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُصْحَفِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْمُصْحَفِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
لَمْسُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ لِلْمُصْحَفِ
٢ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمِّدٍ
_________
(١) سورة القيامة / ١٨.
(٢) البحر المحيط للزركشي ١ / ٤٤١، الكويت، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ١٤٠٩هـ، والمستصفى للغزالي ١ / ٦٤ القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى ١٣٥٦هـ.
(٣) بدائع الصنائع ٣ / ٨، ٩.
وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ نَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ إِلاَّ دَاوُدَ (١) .
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْجَنَابَةُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، فَلاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الأَْحْدَاثِ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ حَتَّى يَتَطَهَّرَ، إِلاَّ مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ (٢) .
وَبِمَا فِي كِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ﵁ إِلَى أَهْل الْيُمْنِ (٣)، وَهُوَ قَوْلُهُ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (٤)، وَقَال ابْنُ عُمَرَ: قَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (٥) .
لَمْسُ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ لِلْمُصْحَفِ
٤ - ذَهَبَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ
_________
(١) ابن عابدين ١ / ١١٦، ١٩٥، والفتاوى الهندية ١ / ٣٨، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ١ / ١٢٥، وتفسير القرطبي ١٧ / ٢٢٥، والمغني ١ / ١٤٧، القاهرة، دار المنار ١٩٦٧م، وشرح منتهى الإرادات ١ / ١٠٥، ٧٢، القاهرة، مطبعة أنصار السنة.
(٢) سورة الواقعة / ٧٩.
(٣) تفسير القرطبي ١٧ / ٢٢٥، والمغني ١ / ١٤٧، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي ١ / ٣٥، ومغني المحتاج ١ / ٣٧.
(٤) حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر ". أخرجه الدارمي (٢ / ١٦١)، والدارقطني (١ / ١٢٢) وصححه إسحاق بن راهويه كما نقل عنه ابن المنذر في " الأوسط " (٢ / ١٠٢) .
(٥) حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر ". أخرجه الطبراني في " الكبير " (١٢ / ٣١٣)، وقال ابن حجر في " التلخيص " (١ / ١٣٣) إسناده لا بأس به.
لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ، وَجَعَلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ مِمَّا لاَ يَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا عَنْ غَيْرِ دَاوُدَ.
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: وَقِيل: يَجُوزُ مَسُّهُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَحَكَى ابْنُ الصَّلاَحِ قَوْلًا غَرِيبًا بِعَدِمِ حُرْمَةِ مَسِّهِ مُطْلَقًا (١) .
وَلاَ يُبَاحُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ إِلاَّ إِذَا أَتَمَّ طَهَارَتَهُ، فَلَوْ غَسَل بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَمْ يَجُزْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِهِ قَبْل أَنْ يُتِمَّ وُضُوءَهُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ مَسُّهُ بِالْعُضْوِ الَّذِي تَمَّ غَسْلُهُ (٢) .
مَسُّ الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ لِلْمُصْحَفِ بِغَيْرِ بَاطِنِ الْيَدِ
٥ - يُسَوِّي عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِبَاطِنِ الْيَدِ، وَبَيْنَ مَسِّهِ بِغَيْرِهَا مِنَ الأَْعْضَاءِ، لأَِنَّ كُل شَيْءٍ لاَقَى شَيْئًا، فَقَدْ مَسَّهُ إِلاَّ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا، فَقَدْ قَالاَ: يَجُوزُ مَسُّهُ بِظَاهِرِ الْيَدِ وَبِغَيْرِ الْيَدِ مِنَ الأَْعْضَاءِ، لأَِنَّ آلَةَ الْمَسِّ الْيَدُ.
_________
(١) تفسير القرطبي ١٧ / ٢٢٦، والدسوقي ١ / ١٢٥، وحاشية ابن عابدين ١ / ١١٦، والفتاوى الهندية ١ / ٣٨، والمغني ١ / ١٤٧، وشرح المنتهى ١ / ٧٢، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي ١ / ٣٥.
(٢) المغني ١ / ١٤٩، وشرح المنتهى ١ / ٧٣، والفتاوى الهندية ١ / ٣٩.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُمْنَعُ مَسُّهُ بِأَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَلاَ يُمْنَعُ مَسُّهُ بِغَيْرِهَا، وَنُقِل فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنِ الزَّاهِدِيَّ أَنَّ الْمَنْعَ أَصَحُّ (١) .
مَسُّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ وَمَا لاَ كِتَابَةَ فِيهِ مِنْ وَرَقِهِ:
٦ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَطَهِّرُ مَسُّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ الْمُتَّصِل، وَالْحَوَاشِي الَّتِي لاَ كِتَابَةَ فِيهَا مِنْ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ، وَالْبَيَاضِ بَيْنَ السُّطُورِ، وَكَذَا مَا فِيهِ مِنْ صَحَائِفَ خَالِيَةٍ مِنَ الْكِتَابَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمَكْتُوبِ وَحَرِيمٌ لَهُ، وَحَرِيمُ الشَّيْءِ تَبَعٌ لَهُ وَيَأْخُذُ حُكْمَهُ (٢) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ (٣) .
حَمْل غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ لِلْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبُهُ لأَِوْرَاقِهِ وَكِتَابَتُهُ لَهُ
٧ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ
_________
(١) المغني ١ / ١٤٧، وشرح المنتهى ١ / ٧٢، والفتاوى الهندية ١ / ٣٩، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ١ / ١٢٥.
(٢) قاله ابن العربي المالكي كما في تفسير القرطبي ١٧ / ٢٢٦، وانظر قاعدة: " حريم الشيء له حكم ما هو حريم له " في الأشباه والنظائر الفقهية للسيوطي ص ١٢٤ القاهرة، مصطفى الحلبي، ١٣٧٨هـ.
(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ١٩٥، والفتاوى الهندية ١ / ٣٨، والدسوقي على الشرح الكبير ١ / ١٢٥، والقليوبي على شرح منهاج الطالبين ١ / ٣٥، وشرح منتهى الإرادات ١ / ٧٢.
وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَحْمِل الْجُنُبُ أَوِ الْمُحْدِثُ الْمُصْحَفَ بِعِلاَقَةٍ، أَوْ مَعَ حَائِلٍ غَيْرِ تَابِعٍ لَهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَكُونُ مَاسًّا لَهُ فَلاَ يَمْنَعُ مِنْهُ كَمَا لَوْ حَمَلَهُ فِي مَتَاعِهِ، وَلأَِنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الْمَسِّ وَلاَ مَسَّ هُنَا، قَال الْحَنَفِيَّةُ: فَلَوْ حَمَلَهُ بِغِلاَفِ غَيْرِ مَخِيطٍ بِهِ، أَوْ فِي خَرِيطَةٍ - وَهِيَ الْكِيسُ - أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لَمْ يُكْرَهْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ خَرَّجَهَا الْقَاضِي عَنْ أَحَمْدَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَلاَ يَحْمِلْهُ غَيْرُ الطَّاهِرِ وَلَوْ عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، كَكُرْسِيِّ الْمُصْحَفِ، أَوْ فِي غِلاَفٍ أَوْ بِعِلاَقَةِ، وَكَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ: لاَ يَجُوزُ لَهُ حَمْل وَمَسُّ خَرِيطَةٍ أَوْ صُنْدُوقٍ فِيهِمَا مُصْحَفٌ، أَيْ إِنْ أُعِدَّا لَهُ، وَلاَ يَمْتَنِعُ مَسُّ أَوْ حَمْل صُنْدُوقٍ أُعِدَّ لِلأَْمْتِعَةِ وَفِيهِ مُصْحَفٌ.
وَلَوْ قَلَّبَ غَيْرُ الْمُتَطَهِّرِ أَوْرَاقَ الْمُصْحَفِ بِعُودٍ فِي يَدِهِ جَازَ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ جَوَازَ ذَلِكَ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَسٍّ وَلاَ حَمْلٍ، قَال: وَبَهْ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَال التَّتَائِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَكْتُبُ الْقُرْآنَ عَلَى طَهَارَةٍ لِمَشَقَّةِ الْوُضُوءِ كُل سَاعَةٍ.
وَنُقِل عَنْ مُحَمِّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكْتُبَ الْمُصْحَفَ الْمُحْدِثُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ بِالْيَدِ، لأَِنَّهُ يَكُونُ مَاسًّا بِالْقَلَمِ.
وَفِي تَقْلِيبِ الْقَارِئِ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ أَوْرَاقَ الْمُصْحَفِ بِكُمِّهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي هُوَ لاَبِسُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اخْتِلاَفٌ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْمَنْعُ أَوْلَى لأَِنَّ الْمَلْبُوسَ تَابِعٌ لِلاَبِسِهِ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ وَضَعَ عَلَى يَدِهِ مِنْدِيلًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ حَائِلٍ لَيْسَ تَابِعًا لِلْمُصْحَفِ وَلاَ هُوَ مِنْ مُلاَبَسِ الْمَاسِّ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَمَنَعَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَلَوِ اسْتَخْدَمَ لِذَلِكَ وِسَادَةً أَوْ نَحْوَهَا (١) .
عَلَى أَنَّهُ يُبَاحُ لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ عِنْدَ الْمَانِعِينَ حَمْل الْمُصْحَفِ وَمَسُّهُ لِلضَّرُورَةِ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ حَمْلُهُ لِخَوْفِ حَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ تَنَجُّسٍ أَوْ خِيفَ وُقُوعُهُ فِي يَدِ كَافِرٍ أَوْ خِيفَ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ١١٧، ١١٨، والفتاوى الهندية ١ / ٣٨، وتفسير القرطبي ١٧ / ٢٢٧، وشرح المنهاج ١ / ٣٦، والمغني ١ / ١٤٨، وشرح المنتهى ١ / ٧٢.
ضَيَاعُهُ أَوْ سَرِقَتُهُ، وَيَجِبُ عِنْدَ إِرَادَةِ حَمْلِهِ التَّيَمُّمُ أَيْ حَيْثُ لاَ يَجِدُ الْمَاءَ، وَصَرَّحَ بِمِثْل ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ (١) .
مَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ مَسِّ الْمُصْحَفِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ
أ - الصَّغِيرُ:
٨ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ، قَالُوا: لِمَا فِي مَنْعِ الصِّبْيَانِ مِنْ مَسِّهِ إِلاَّ بِالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَرَجِ، لِمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ لأَدَّى إِلَى تَنْفِيرِهِمْ مِنْ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتَعَلُّمِهِ، وَتَعَلُّمُهُ فِي حَال الصِّغَرِ أَرْسَخُ وَأَثْبَتُ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَلاَ بَأْسَ لِلْكَبِيرِ الْمُتَطَهِّرِ أَنْ يَدْفَعَ الْمُصْحَفَ إِلَى صَبِيٍّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ آخَرَ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لاَ يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلاَّ بِالطَّهَارَةِ، كَالْبَالِغِ (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُمْنَعُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ
_________
(١) حاشية القليوبي ١ / ٣٥ - ٣٧، ومغني المحتاج ١ / ٣٧ والدسوقي ١ / ١٢٥، ١٢٦.
(٢) تفسير القرطبي ١٧ / ٢٢٧، وابن عابدين ١ / ١١٧، والفتاوى الهندية ١ / ٣٩، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي ١ / ٣٧، والمغني ١ / ١٤٨.
الْمُحْدِثُ وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ مِنْ مَسِّ وَلاَ مِنْ حَمْل لَوْحٍ وَلاَ مُصْحَفٍ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، أَيْ لاَ يَجِبُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا، بَل يُسْتَحَبُّ.
قَالُوا: وَذَلِكَ فِي الْحَمْل الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّرَاسَةِ فَإِِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ، أَوْ كَانَ لِغَرَضٍ آخَرَ مُنِعَ مِنْهُ جَزْمًا.
أَمَّا الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلاَّ يَنْتَهِكَهُ (١) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ مَسُّ الْمُصْحَفِ، أَيْ لاَ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ تَمْكِينُهُ مِنْ مَسِّهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْجَوَازِ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا.
وَأَمَّا الأَْلْوَاحُ الْمَكْتُوبُ فِيهَا الْقُرْآنُ فَلاَ يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ مَسُّ الصَّبِيِّ الْمَكْتُوبِ فِي الأَْلْوَاحِ، وَعَنْهُ يَجُوزُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ.
وَأَمَّا مَسُّ الصَّبِيِّ اللَّوْحَ أَوْ حَمْلُهُ فَيَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ (٢) .
ب - الْمُتَعَلِّمُ وَالْمُعَلِّمُ وَنَحْوُهُمَا:
٩ - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْحَائِضِ الَّتِي تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ، أَوْ تُعَلِّمُهُ حَال التَّعْلِيمِ مَسَّ
_________
(١) مغني المحتاج ١ / ٣٨.
(٢) الإنصاف ١ / ٢٢٣، وكشاف القناع ١ / ١٣٤.
الْمُصْحَفِ سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ أَوِ اللَّوْحِ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ، قَال بَعْضُهُمْ: وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْجُنُبِ، لأَِنَّ رَفْعَ حَدَثِهِ بِيَدِهِ وَلاَ يَشُقُّ، كَالْوُضُوءِ، بِخِلاَفِ الْحَائِضِ فَإِِنَّ رَفْعَ حَدَثِهَا لَيْسَ بِيَدِهَا، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْجُنُبَ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا يَجُوزُ لَهُ الْمَسُّ وَالْحَمْل حَال التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ لِلْمَشَقَّةِ.
وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْمُصْحَفِ لِلْمُطَالَعَةِ، أَوْ كَانَتْ لِلتَّذَكُّرِ بِنِيَّةِ الْحِفْظِ (١) .
مَسُّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ التَّفْسِيرِ وَنَحْوَهَا مِمَّا فِيهِ قُرْآنٌ
١٠ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ التَّفْسِيرِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ، وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى الْجَوَازِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلِحِ (مَسٌّ ف ٧) .
مَسُّ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ الْمُصْحَفَ الْمَكْتُوبَ بِحُرُوفٍ أَعْجَمِيَّةٍ وَكُتُبَ تَرْجَمَةِ مَعَانِي الْقُرْآنِ
١١ - الْمُصْحَفُ إِنْ كُتِبَ عَلَى لَفْظِهِ الْعَرَبِيِّ بِحُرُوفِ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ فَهُوَ مُصْحَفٌ وَلَهُ أَحْكَامُ الْمُصْحَفِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ فَفِي
_________
(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ١ / ١٢٦.