الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
شِئْتُ، لأَِنَّ مَا فِي الْقَلْبِ لاَ يُعْلَمُ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْهُ اللِّسَانُ فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ مَا فِي الْقَلْبِ، فَلَوْ شَاءَتْ بِقَلْبِهَا دُونَ نُطْقِهَا لَمْ يَقَعِ الطَّلاَقُ، وَلَوْ قَالَتْ قَدْ شِئْتُ بِلِسَانِهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ لَوَقَعَ الطَّلاَقُ اعْتِبَارًا بِالنُّطْقِ، وَيَقَعُ الطَّلاَقُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي، لأَِنَّهُ أَضَافَ الطَّلاَقَ إِلَى مَشِيئَتِهَا فَأَشْبَهَ بِهِ مَا لَوْ قَال حَيْثُ شِئْتِ، وَلأَِنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ صَرِيحَةٌ فِي التَّرَاخِي فَحُمِلَتْ عَلَى مُقْتَضَاهَا، وَلأَِنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلطَّلاَقِ عَلَى شَرْطٍ فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ، وَلأَِنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ مُعَلَّقٍ عَلَى الْمَشِيئَةِ فَكَانَ عَلَى التَّرَاضِي كَالْعِتْقِ (١) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ مُخَاطَبَةً: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ اشْتَرَطَ مَشِيئَتَهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ لَمْ تَقَعْ، لأَِنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ لِلطَّلاَقِ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَقَوْلِهِ اخْتَارِي، وَهَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِغَيْرِ نَحْوِ مَتَى وَأَيَّ وَقْتٍ أَمَّا فِيهِ فَلاَ يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فَإِنْ قَال مَتَى شِئْتِ طَلُقَتْ مَتَى شَاءَتْ وَإِنْ فَارَقَتِ الْمَجْلِسَ.
وَلَوْ قَال لأَِجْنَبِيٍّ: إِنْ شِئْتَ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ مَشِيئَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ،
_________
(١) العناية بهامش فتح القدير ٣ / ٤٣٧، الهداية ٢ / ٢٧١ - ٢٧٢، ومواهب الجليل ٤ / ٩٦ - ٩٧، وروضة الطالبين ٨ / ١٥٧، وكشاف القناع ٥ / ٣٠٩، ومطالب أولي النهى ٥ / ٤٣٦.