الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
فَقَال إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ (١) وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ حَقِيقَةً، وَأَمَّا لَوْ سَبَقَتْ كَلِمَةُ الْمَشِيئَةِ إِلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ لَهَا كَمَا هُوَ الأَْدَبُ، أَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوِ الإِْشَارَةَ إِلَى أَنَّ الأُْمُورَ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقًا مُحَقَّقًا لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ وَيَقَعُ الطَّلاَقُ (٢) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى يَقَعُ الطَّلاَقُ، لِمَا رَوَى أَبُو حَمْزَةَ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ يَقُول: " إِذَا قَال الرَّجُل لاِمْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَهِيَ طَالِقٌ " (٣) .
وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ ﵃: كُنَّا مَعَاشِرَ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَرَى الاِسْتِثْنَاءَ جَائِزًا فِي كُل شَيْءٍ إِلاَّ فِي الْعِتَاقِ وَالطَّلاَقِ (٤)، وَلأَِنَّهُ اسْتِثْنَاءُ حُكْمٍ فِي مَحِلٍّ فَلَمْ
_________
(١) حديث: " من حلف على يمين. . . ". أخرجه الترمذي (٤ / ١٠٨)، والنسائي (٧ / ٢٥) واللفظ للترمذي، وقال الترمذي: " حديث حسن ".
(٢) روضة الطالبين ٨ / ٩٦، ومغني المحتاج ٣ / ٣٠٢، وكفاية الأخيار ٢ / ٥٦، نشر دار المعرفة، بيروت، لبنان.
(٣) أثر ابن عباس: " إذا قال الرجل لامرأته. . . ". أورده ابن قدامة في المغني (٧ / ٢١٦) وعزاه إلى أبي حفص ولم نهتد إلى من أخرجه.
(٤) أثر عبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري: " كنا معاشر أصحاب رسول الله ﷺ. . . ". أورده ابن قدامة في المغني (٧ / ٢١٦) وعزاه لابن الخطاب ولم نهتد إلى من أخرجه.