الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
ذَلِكَ، وَمَا جَوَّزَهُ الْفُقَهَاءُ مِنَ الرُّخَصِ وَالتَّخْفِيفَاتِ فِي الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ:
وَتُعْتَبَرُ الْمَشَقَّةُ سَبَبًا هَامًّا مِنْ أَسْبَابِ الرُّخَصِ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، بِحَسَبِ الأَْحْوَال، وَبِحَسَبِ قُوَّةِ الْعَزَائِمِ وَضَعْفِهَا، وَبِحَسَبِ الأَْعْمَال، فَلَيْسَ لِلْمَشَقَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي التَّخْفِيفَاتِ ضَابِطٌ مَخْصُوصٌ، وَلاَ حَدٌّ مَحْدُودٌ يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ النَّاسِ، وَلِذَلِكَ أَقَامَ الشَّرْعُ السَّبَبَ مَقَامَ الْعِلَّةِ وَاعْتَبَرَ السَّفَرَ لأَِنَّهُ أَقْرَبُ مَظَانِّ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ. وَلَيْسَتْ أَسْبَابُ الرُّخَصِ بِدَاخِلَةٍ تَحْتَ قَانُونٍ أَصْلِيٍّ، وَلاَ ضَابِطٍ مَأْخُوذٍ بِالْيَدِ، بَل هِيَ إِضَافِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُل مُخَاطَبٍ فِي نَفْسِهِ (١) .
وَالأَْصْل فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (&# x٦٦٢ ;) .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (٣)، وَقَوْلُهُ ﷺ: بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ (٤)، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: أَحَبُّ الأَْدْيَانِ
_________
(١) الموافقات ١ / ٣١٤، ٣ / ١٥٥، ومجلة الأحكام العدلية ص ١٨، وشرح المجلة للأتاسي ١ / ٥١، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٧٥، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ٧٦.
(٢) سورة البقرة / ١٨٥.
(٣) سورة الحج / ٧٨.
(٤) حديث: " بعثت بالحنيفية السمحاء ". أخرجه أحمد (٥ / ٢٦٦) من حديث أبي أمامة.