الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَسَّ بِشَهْوَةٍ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ فَمَنْ مَسَّتْهُ امْرَأَةٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا، وَلاَ تَحِل لَهُ أُصُولُهَا وَلاَ فُرُوعُهَا، وَحَرُمَ عَلَيْهَا أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ، وَمَنْ مَسَّ أَوْ قَبَّل أُمَّ امْرَأَتِهِ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الأَْسْبَابَ الدَّاعِيَةَ إِلَى الْوَطْءِ فِي إِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ كَالْوَطْءِ فِي إِثْبَاتِهَا، وَإِنَّ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ سَبَبٌ دَاعٍ إِلَى الْوَطْءِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ فِي مَوْضِعِ الاِحْتِيَاطِ ثُمَّ الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ أَنْ تَنْتَشِرَ الآْلَةُ ثُمَّ شَرَطَ الْحُرْمَةَ بِالنَّظَرِ أَوِ الْمَسِّ أَنْ لاَ يُنْزِل، فَإِنْ أَنْزَل لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ الشَّهْوَةَ حَال الْمَسِّ، فَلَوْ مَسَّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَسِّ لاَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، إِذْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسَّ بِالإِْنْزَال غَيْرُ مُفْضٍ إِلَى الْوَطْءِ، وَالْمَسُّ الْمُفْضِي إِلَيْهِ هُوَ الْمُحَرَّمُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ لاَ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ بِالإِْنْزَال هُوَ أَنَّ الْحُرْمَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْمَسِّ بِشَهْوَةٍ كَانَ حُكْمُهَا مَوْقُوفًا إِلَى أَنْ تَبِينَ بِالإِْنْزَال فَإِنْ أَنْزَل لَمْ تَثْبُتْ وَإِلاَّ ثَبَتَتْ.

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ (١)، قَالُوا: الْمُرَادُ مِنَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ، وَالْمَسُّ وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ دَاعٍ إِلَى الْوَطْءِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ (٢) .

_________

(١) سورة النساء / ٢٢.

(٢) بدائع الصنائع ٢ / ٢٦٠ - ٢٦١، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٢٨١ - ٢٨٣، وفتح القدير ٣ / ١٢٩ - ١٣١.