الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
عَنِ الزُّهْرِيِّ قَال: بَرَكَتْ نَاقَةُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عِنْدَ مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُصَلِّي فِيهِ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ - غُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنَ الأَْنْصَارِ وَكَانَا فِي حِجْرِ أَبِي أُمَامَةَ: أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ، فَدَعَا رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالْغُلاَمَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالاَ: بَل نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُول اللَّهِ، فَأَبَى النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُعْطِيَهُمَا ذَلِكَ (١)، فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالنَّخْل الَّذِي فِي الْحَدِيقَةِ وَبِالْغَرْقَدِ الَّذِي فِيهِ أَنْ يُقْطَعَ، وَأَمَرَ بِاللَّبِنِ فَضُرِبَ، وَكَانَ فِي الْمِرْبَدِ قُبُورٌ جَاهِلِيَّةٌ فَأَمَرَ بِهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فَنُبِشَتْ، وَأَمَرَ بِالْعِظَامِ أَنْ تُغَيَّبَ، وَأَسَّسُوا الْمَسْجِدَ فَجَعَلُوا طُولَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ إِلَى مُؤَخَّرِهِ مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَفِي هَذَيْنِ الْجَانِبَيْنِ مِثْل ذَلِكَ فَهُوَ مُرَبَّعٌ، وَيُقَال كَانَ أَقَل مِنَ الْمِائَةِ وَجَعَلُوا الأَْسَاسَ قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى الأَْرْضِ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ بَنَوْهُ بِاللَّبِنِ، وَبَنَاهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ وَجَعَل يَنْقُل الْحِجَارَةَ مَعَهُمْ بِنَفْسِهِ وَيَقُول:
اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشَ الآْخِرَةِ فَاغْفِرْ لِلأَْنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ (٢) .
_________
(١» حديث: " بركت ناقة رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه ابن سعد في الطبقات (١ / ٢ / ١) وفي إسناده محمد بن عمر الواقدي وقد ضعفه المزي في " تهذيب الكمال " (٢٦ / ١٨٠) .
(٢) أبيات الشعر: " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة. . . ". قد ثبتت عن النبي ﷺ حين حفر الخندق كما أخرجها البخاري (فتح الباري ٧ / ١١٨) .