الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
حُكْمِنَا (١)، لِظَاهِرِ الآْيَةِ: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ﴾ .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، وَلاَ يُشْتَرَطُ تَرَافُعُ الْخَصْمَيْنِ، وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ.
غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَال فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ خَمْسِ نِسْوَةٍ وَالأُْخْتَيْنِ: يُشْتَرَطُ مَجِيئُهُمْ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجِيئُهُمْ، فَلاَ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ.
وَقَال مُحَمَّدٌ: لاَ يُشْتَرَطُ تَرَافُعُ الْخَصْمَيْنِ، بَل يَكْفِي لِوُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَرْفَعَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى إِلَى الْقَاضِي الْمُسْلِمِ، لأَِنَّهُ لَمَّا رَفَعَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى، فَقَدْ رَضِيَ بِحُكْمِ الإِْسْلاَمِ، فَيَلْزَمُ إِجْرَاءُ حُكْمِ الإِْسْلاَمِ فِي حَقِّهِ، فَيَتَعَدَّى إِلَى الآْخَرِ كَمَا إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ يُشْتَرَطُ التَّرَافُعُ فِي الأَْنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ أَصْلًا، وَيُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ، سَوَاءٌ تَرَافَعَا أَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا، أَوْ رَفَعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَل اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾، وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ الأَْمْرَ مُطْلَقٌ عَنْ شَرْطِ الْمُرَافَعَةِ (٢) .
_________
(١) المراجع السابقة.
(٢) بدائع الصنائع ٢ / ٣١١، ٣١٢، وأحكام القرآن للجصاص ٢ / ٥٢٨، ومغني المحتاج ٣ / ١٩٥.