الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ - حرف الميم - مزارعة - الوكالة في المزارعة - الحالة الثانية التوكيل من المزارع
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: التَّوْكِيل مِنَ الْمُزَارِعِ:
٥٣ - إِذَا وَكَّل رَجُلٌ آخَرَ بِأَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذِهِ الأَْرْضَ مُزَارَعَةً هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنَ الْمُوَكِّل كَانَتِ الْوَكَالَةُ جَائِزَةً (١)، وَتَسْرِي أَحْكَامُ الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْحَالَةِ الأُْولَى هُنَا أَيْضًا، أَيْ أَنَّ الْوَكِيل يَكُونُ مُقَيَّدًا بِالْمُتَعَارَفِ عَلَيْهِ بَيْنَ النَّاسِ فِي التَّعَامُل، كَمَا يَكُونُ مُقَيَّدًا بِالشِّرْعِ، فَلاَ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفًا يَضُرُّ بِالْمُوَكِّل.
هَذَا إِذَا كَانَ التَّوْكِيل مُطْلَقًا عَنِ الْقُيُودِ، أَمَّا إِذَا قَيَّدَ الْمُوَكِّل - سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُ الأَْرْضِ أَمِ الْمُزَارِعُ - وَكِيلَهُ بِقَيْدٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيل الاِلْتِزَامُ بِهِ (٢) فَإِذَا خَالَفَهُ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الْمُخَالَفَةُ لِمَصْلَحَةِ الْمُوَكِّل فَإِنَّهَا تَكُونُ نَافِذَةً فِي حَقِّهِ، لأَِنَّهَا تُعْتَبَرُ مُوَافَقَةً ضِمْنِيَّةً، فَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِالْمَعَانِي لاَ بِالأَْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي.
فَلَوْ وَكَّل صَاحِبُ الأَْرْضِ رَجُلًا لِيَدْفَعَ لَهُ أَرْضَهُ لآِخَرَ مُزَارَعَةً بِالثُّلُثِ مَثَلًا، فَدَفَعَهَا الْوَكِيل لَهُ بِالنِّصْفِ، فَإِنَّ الْوَكِيل هُنَا يَكُونُ قَدْ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ، وَلَكِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ صَحِيحًا، لأَِنَّ الْمُخَالَفَةَ لِخَيْرِ الْمُوَكِّل وَمَصْلَحَتِهِ، فَقَدْ عَقَدَ لَهُ بِالنِّصْفِ بَدَلًا مِنَ الثُّلُثِ.
_________
(١) المبسوط ٢٣ / ١٣٩.
(٢) المبسوط ٢٣ / ١٤١، والفتاوى الهندية ٥ / ٢٦٦.