الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -

جِنْسًا وَصِنْفًا، فَلَوْ أَخَرَجَ أَحَدُهُمَا قَمْحًا، وَالآْخَرُ شَعِيرًا - مَثَلًا - فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ لاَ تَصِحُّ، وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الأَْكْرِيَةِ، وَقِيل: يَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَهُمْ.

وَفِي الْقَوْل الآْخَرِ لِسَحْنُونٍ - وَهُوَ قَوْل خَلِيلٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ - أَنَّهُ يُشْرَطُ الْخَلْطُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.

فَالْخَلْطُ الْحَقِيقِيُّ يَكُونُ بِضَمِّ بَذْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى بَذْرِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يُبْذَرُ الْجَمِيعُ فِي الأَْرْضِ.

أَمَّا الْحُكْمِيُّ فَيَكُونُ بِأَنْ يَحْمِل كُلٌّ مِنْهُمَا بَذْرَهُ إِلَى الأَْرْضِ وَيَبْذُرَهُ بِهَا بِدُونِ تَمَيُّزٍ لأَِحَدِهِمَا عَنِ الآْخَرِ، فَإِنْ تَمَيَّزَ بَذْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الأَْرْضِ انْتَفَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ لِكُل مِنْهُمَا مَا أَنْبَتَهُ حَبُّهُ، وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الأَْكْرِيَةِ وَيَتَقَاصَّانِ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ - فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الأَْرْضِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بَعْضُهُمْ، قَال الْمِرْدَاوِيُّ: وَهِيَ أَقْوَى دَلِيلًا.

وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ، قَال الْمِرْدَاوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأَْصْحَابِ (٢) .

_________

(١) المراجع السابقة.

(٢) الإنصاف ٥ / ٤٨٣.