الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
الاِثْنَيْنِ؟ .
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْعَقِدُ إِجَارَةً، ثُمَّ تَتِمُّ شَرِكَةً، فَفِيهَا مَعْنَى الإِْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ عِنْدَهُمْ.
أَمَّا أَنَّ فِيهَا مَعْنَى الإِْجَارَةِ فَلأَِنَّ الإِْجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ وَالْمُزَارَعَةُ كَذَلِكَ، لأَِنَّ الْبَذْرَ إِنْ كَانَ مِنْ قِبَل رَبِّ الأَْرْضِ فَالْعَامِل يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ مِنْ رَبِّ الأَْرْضِ بِعِوَضٍ هُوَ نَمَاءُ بَذْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَل الْعَامِل فَصَاحِبُ الأَْرْضِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ أَرْضِهِ مِنَ الْعَامِل بِعِوَضٍ هُوَ نَمَاءُ بَذْرِهِ، فَكَانَتِ الْمُزَارَعَةُ اسْتِئْجَارًا، إِمَّا لِلْعَامِل، وَإِمَّا لِلأَْرْضِ، وَالأُْجْرَةُ فِيهَا بَعْضُ الْخَارِجِ مِنْهَا.
وَأَمَّا أَنْ فِيهَا مَعْنَى الشَّرِكَةِ، فَلأَِنَّ الْخَارِجَ مِنَ الأَْرْضِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَاحِبِهَا وَبَيْنَ الْمُزَارِعِ حَسَبَ النِّسْبَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا (١) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا شَرِكَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي تَعْرِيفِهَا: هِيَ الشَّرِكَةُ فِي الزَّرْعِ (٢) .
وَجَاءَ فِي مُوَاهِبِ الْجَلِيل: قَال فِي التَّوْضِيحِ: الْمُزَارَعَةُ دَائِرَةٌ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَالإِْجَارَةِ، قَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: وَالأَْقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهَا شَرِكَةٌ
_________
(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٧٧ - ١٧٨، وتبيين الحقائق ٥ / ٢٨٠، تكملة البحر الرائق ٨ / ١٨٢، والهداية مع تكملة الفتح ٩ / ٤٦٥.
(٢) الشرح الصغير ٢ / ١٧٨، ومواهب الجليل ٥ / ١٧٦ - ١٧٧، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٧٢.