الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٧ -
وَالْمَعْقُول.
فَمِنَ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَامَل أَهْل خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ (١) .
أَمَا الإِْجْمَاعُ فَقَدْ أَجَمَعَ الصَّحَابَةُ قَوْلًا وَعَمَلًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُزَارَعَةِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ (٢) .
فَالْمُزَارَعَةُ شَرِيعَةٌ مُتَوَارَثَةٌ، لِتَعَامُل السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (٣) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول، فَقَالُوا: إِنَّ الْمُزَارَعَةَ عَقْدُ شَرِكَةٍ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ الأَْرْضُ، وَعَمَلٌ مِنَ الآْخَرِ وَهُوَ الزِّرَاعَةُ، فَيَجُوزُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا دَفْعُ الْحَاجَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَال قَدْ لاَ يَهْتَدِي إِلَى الْعَمَل، وَالْمُهْتَدِي إِلَيْهِ قَدْ لاَ يَجِدُ الْمَال، فَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى انْعِقَادِ هَذَا الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا (٤) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ إِلَى عَدَمِ جِوَازِ الْمُزَارَعَةِ مُطْلَقًا، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ وَالْمَعْقُول.
_________
(١) حديث: " أن رسول الله ﷺ " عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ١٠)، ومسلم (٣ / ١١٨٦) .
(٢) المغني ٥ / ٤١٨.
(٣) بدائع الصنائع ٦ / ١٧٥، وتبيين الحقائق ٥ / ٢٧٨.
(٤) تبيين الحقائق ٥ / ٢٧٨، وتكملة البحر الرائق ٨ / ١٨١، وحاشية ابن عابدين ٦ / ٢٧٥، والمبسوط ٢٣ / ١٧، والهداية مع تكملة الفتح ٩ / ٤٦٣.