الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ -
وَهَذِهِ الآْفَةُ تَتَطَرَّقُ إِلَى الْمَدْحِ بِالأَْوْصَافِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي تُعْرَفُ بِالأَْدِلَّةِ كَقَوْلِهِ: إِنَّهُ مُتَّقٍ وَوَرِعٌ وَزَاهِدٌ وَخَيِّرٌ وَمَا يُجْرَى مُجْرَاهُ، فَأَمَّا إِذَا قَال: رَأَيْتُهُ يُصَلِّي بِاللَّيْل وَيَتَصَدَّقُ، وَيَحُجُّ فَهَذِهِ أُمُورٌ مُسْتَيْقَنَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّهُ عَدْلٌ رِضًا، فَإِنَّ ذَلِكَ خَفِيٌّ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْزِمَ الْقَوْل فِيهِ إِلاَّ بَعْدَ خَبِرَةٍ بَاطِنَةٍ، سَمِعَ عُمَرُ ﵁ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ فَقَال: أَسَافَرْتَ مَعَهُ؟ قَال: لاَ، قَال: أَخَالَطْتُهُ فِي الْمُبَايَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ؟ قَال: لاَ، قَال: فَأَنْتَ جَارُهُ صَبَاحَهُ وَمَسَاءَهُ؟ قَال: لاَ، قَال: وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لاَ أَرَاكَ تَعْرِفُهُ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ قَدْ يَفْرَحُ الْمَمْدُوحُ وَهُوَ ظَالِمٌ أَوْ فَاسِقٌ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ يَغْضَبُ إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ (١) .
وَقَال الْحَسَنُ: مَنْ دَعَا لِظَالِمٍ بِطُول الْبَقَاءِ فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ تَعَالَى فِي أَرْضِهِ.
وَالظَّالِمُ الْفَاسِقُ يَنْبَغِي أَنْ يُذَمَّ لِيَغْتَمَّ، وَلاَ يُمْدَحَ لِيَفْرَحَ.
وَأَمَّا الْمَمْدُوحُ فَيَضُرُّهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
_________
(١) حديث: " إن الله ﷿ يغضب إذا مدح الفاسق ". أخرجه البيهقي في شعب الإِيمان (٤ / ٢٣٠) من حديث أنس ﵁، وقال العراقي: (إتحاف السادة المتقين ٥ / ٥١٥) . إسناده ضعيف.