الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ -

مُؤَبَّدَةً، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْتَرِقَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسَيْهِمَا، وَإِلاَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا.

قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ أَيْقَظَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِيُجَامِعَهَا، فَوَصَلَتْ يَدُهُ إِلَى ابْنَةٍ مِنْهَا، فَقَرَصَهَا بِشَهْوَةٍ، وَهِيَ مِمَّنْ تُشْتَهَى يَظُنُّ أَنَّهَا أُمُّهَا، حَرُمَتْ عَلَيْهِ الأُْمُّ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً (١) .

وَلَمْ يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بَيْنَ حُصُول الزِّنَا قَبْل الزَّوَاجِ أَوْ بَعْدَهُ فِي ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ الرَّاجِحِ، وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الزِّنَا لاَ تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، فَلاَ تُحَرَّمُ بِالزِّنَا عِنْدَهُمَا أُصُول الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَلاَ فُرُوعُهَا عَلَى مَنْ زَنَى بِهَا، كَمَا لاَ تُحَرَّمُ الْمَزْنِيُّ بِهَا عَلَى أُصُول الزَّانِي، وَلاَ عَلَى فُرُوعِهِ، فَلَوْ زَنَى رَجُلٌ بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوِ ابْنَتِهَا لاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّسُول ﷺ سُئِل عَنِ الرَّجُل يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ حَرَامًا ثُمَّ يَنْكِحُ ابْنَتَهَا، أَوِ الْبِنْتَ ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا، فَقَال: لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلاَل، إِنَّمَا يَحْرُمُ مَا كَانَ بِنِكَاحٍ حَلاَلٍ (٢) وَأَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ نِعْمَةٌ، لأَِنَّهَا تُلْحِقُ الأَْجَانِبَ بِالأَْقَارِبِ، وَالزِّنَا مَحْظُورٌ، فَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلنِّعْمَةِ، لِعَدَمِ الْمُلاَءَمَةِ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا قَال الشَّافِعِيُّ فِي مُنَاظَرَتِهِ لِمُحَمِّدِ بْنِ الْحَسَنِ:

_________

(١) ملتقى الأبحر ١ / ٣٢٤، والمغني ٦ / ٥٧٦ - ٥٧٧، وكشاف القناع ٥ / ٧٢.

(٢) حديث: " أن الرسول ﷺ سئل عن الرجل يتبع المرأة. . . ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ٢٦٨) وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري وهو متروك.