الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ -
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تُعْرَفُ الْقِبْلَةُ بِالدَّلِيل، وَهُوَ فِي الْقُرَى وَالأَْمْصَارِ مَحَارِيبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْمَحَارِيبُ الْقَدِيمَةُ، وَهِيَ لاَ يَجُوزُ تَحَرِّي الْقِبْلَةَ مَعَهَا، بَل تُعْتَمَدُ هَذِهِ الْمَحَارِيبُ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْقِبْلَةِ، لِئَلاَّ يَلْزَمَ تَخْطِئَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَجَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَقَامُوا هَذِهِ الْمَحَارِيبَ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُسْلِمُ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ وَلاَ مَا لَحِقَ بِهَا يَجْتَهِدُ فِي اسْتِقْبَال جِهَةِ الْكَعْبَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، أَوْ بِجَامِعِ عَمْرٍو بِمِصْرَ الْعَتِيقَةِ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الاِجْتِهَادُ الْمُؤَدِّي لِمُخَالَفَةِ مِحْرَابِهِمَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مِحْرَابِهِمَا، لأَِنَّ مِحْرَابَ الْمَدِينَةِ بِالْوَحْيِ، وَمِحْرَابَ جَامِعِ عَمْرٍو بِإِجْمَاعِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوِ الثَّمَانِينَ، وَلاَ يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ مِحْرَابًا مَنْصُوبًا إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ إِلاَّ مِحْرَابًا لِمِصْرَ - أَيْ بَلَدٍ عَظِيمٍ - حَضَرَ نَصْبَ مِحْرَابِهِ إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ، وَذَلِكَ كَبَغْدَادَ وَمِصْرَ والإسكندرية، وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي جُهِل حَال نَاصِبِيهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْل الاِسْتِثْنَاءِ، وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي قَطَعَ الْعَارِفُونَ بِخَطَئِهَا لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إِلَيْهَا لاَ لِمُجْتَهِدٍ وَلاَ لِغَيْرِهِ.
وَقَلَّدَ الْجَاهِل بِالأَْدِلَّةِ الَّتِي تُحَدِّدُ الْقِبْلَةَ مِحْرَابًا -
_________
(١) رد المحتار ١ / ٢٨٨.