الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ -
وَلأَِنَّ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ تَأْلِيفَ قُلُوبِهِمْ، وَالتَّفْضِيل يَزْرَعُ الْكَرَاهِيَةَ وَالنُّفُورَ بَيْنَهُمْ فَكَانَتِ التَّسْوِيَةُ أَوْلَى.
وَلاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ التَّفْضِيل - فِي الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ - إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ تَدْعُو إِلَيْهِ مِثْل اخْتِصَاصِ أَحَدِ أَوْلاَدِهِ بِمَرَضٍ أَوْ حَاجَةٍ أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَتِهِ أَوِ اشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْفَضَائِل.
أَوِ اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمْ بِمَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْهِبَةِ عَنْهُ لِفِسْقِهِ أَوْ يَسْتَعِينُ بِمَا يَأْخُذُهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَوْ يُنْفِقُهُ فِيهَا، فَيَمْنَعُ عَنْهُ الْهِبَةَ وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا.
وَيُكْرَهُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَابِلَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ التَّفْضِيل حِينَئِذٍ وَتَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ - إِنْ فَعَل - إِمَّا بِرَدِّ مَا فَضَّل بِهِ الْبَعْضَ، وَإِمَّا بِإِتْمَامِ نَصِيبِ الآْخَرِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ، وَيَجُوزُ التَّفْضِيل قَضَاءً، لأَِنَّ الْوَالِدَ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، لاَ حَقَّ لأَِحَدٍ فِيهِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَكُونُ آثِمًا فِيمَا صَنَعَ بِدُونِ دَاعٍ لَهُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْل وَالإِْحْسَانِ﴾ (١) .
_________
(١) سورة النحل / ٩٠.