الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ -
وَاخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَةِ الْمُتَّهِمِ لَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا يُعَاقَبُ صِيَانَةً لِتَسَلُّطِ أَهْل الشَّرِّ وَالْعُدْوَانِ عَلَى أَعْرَاضِ الأَْبْرِيَاءِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَجْهُول الْحَال لاَ يُعْرَفُ بِبِرٍّ وَلاَ فُجُورٍ، فَهَذَا يُحْبَسُ حَتَّى يَنْكَشِفَ حَالُهُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الإِْسْلاَمِ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الأَْئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي وَالْوَالِي، وَقَال أَحْمَدُ: قَدْ حَبَسَ النَّبِيُّ ﷺ فِي تُهْمَةٍ، قَال أَحْمَدُ: وَذَلِكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِلْحَاكِمِ أَمْرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ (١) .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: الْحَبْسُ فِي التُّهَمِ إِنَّمَا هُوَ لِوَالِي الْحَرْبِ دُونَ الْقَاضِي. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ هَل هُوَ مُقَدَّرٌ أَوْ مَرْجِعُهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي وَالْحَاكِمِ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا، فَقَال الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ، وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْل وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِذَا جَازَ حَبْسُ الْمَجْهُول فَحَبْسُ هَذَا
_________
(١) حديث: " أن النبي ﷺ حبس في تهمة ". أخرجه أبو داود (٤ / ٤٦) والترمذي (٤ / ٢٨)، وقال الترمذي: حديث حسن.