الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ - حرف الميم - مبارزة - طلب المبارزة والإجابة إليها
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُجَاهِدَ لاَ يُبَارِزُ عِلْجًا إِلاَّ بِإِذْنِ الأَْمِيرِ؛ لأَِنَّهُ أَعْلَمُ بِحَال النَّاسِ وَحَال الْعَدُوِّ وَمَكَامِنِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ، فَإِنْ بَارَزَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَقَدْ يَكُونُ ضَعِيفًا لاَ يَقْوَى عَلَى مُبَارَزَةِ مَنْ لاَ يُطِيقُهُ فَيَظْفَرُ بِهِ الْعَدُوُّ، فَتَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا أَذِنَ لَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَفَاسِدِ؛ إِذْ إِنَّ الأَْمِيرَ يَخْتَارُ لِلْمُبَارَزَةِ مَنْ يَرْضَاهُ لَهَا، فَيَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى الظَّفَرِ وَجَبْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ.
وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ اشْتِرَاطَ الإِْذْنِ بِأَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا.
وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ الأَْمِيرُ لاَ رَأْيَ لَهُ فُعِلَتِ الْمُبَارَزَةُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.
وَإِذْنُ الإِْمَامِ يُعْتَبَرُ فِي الْمُبَارَزَةِ قَبْل الْتِحَامِ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ تَتَعَلَّقُ بِالْمُبَارِزِ وَتَرْتَقِبُ ظَفَرَهُ، بِخِلاَفِ الاِنْغِمَاسِ فِي الْكُفَّارِ فَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِذْنٍ؛ لأَِنَّ مَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَطْلُبُ الشَّهَادَةَ وَلاَ يُتَرَقَّبُ مِنْهُ ظَفَرٌ وَلاَ مُقَاوَمَةٌ (١) .
طَلَبُ الْمُبَارَزَةِ وَالإِْجَابَةُ إِلَيْهَا:
٥ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ إِجَابَةَ الْمُسْلِمِ لِطَلَبِ الْكَافِرِ الْمُبَارَزَةَ جَائِزَةٌ إِنْ كَانَ كُفْءَ
_________
(١) المغني ٨ / ٣٦٧ - ٣٦٨، وكشاف القناع ٣ / ٦٩ - ٧٠.