الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ -

بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهَا.

أَمَّا غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ فَلاَ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ شَرْعًا بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَنَحْوِهَا.

عَلَى أَنَّهُ لاَ تَلاَزُمَ بَيْنَ التَّقَوُّمِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَبَيْنَ الْمَالِيَّةِ فِي نَظَرِ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُتَقَوِّمًا، أَيْ مُبَاحَ الاِنْتِفَاعِ، وَلاَ يَكُونُ مَالًا، لِفُقْدَانِ أَحَدِ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ كَالْحَبَّةِ مِنَ الْقَمْحِ وَالْكِسْرَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْ فُتَاتِ الْخُبْزِ وَالتُّرَابِ الْمُبْتَذَل وَنَحْوِ ذَلِكَ.

نَقَل ابْنُ نُجَيْمٍ عَنِ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ: الْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّل النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ، وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهَا وَبِإِبَاحَةِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا، فَمَا يُبَاحُ بِلاَ تَمَوُّلٍ لاَ يَكُونُ مَالًا، كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، وَمَا يَتَمَوَّل بِلاَ إِبَاحَةِ انْتِفَاعٍ لاَ يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ، وَإِذَا عُدِمَ الأَْمْرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَال أَعَمُّ مِنَ الْمُتَقَوِّمِ؛ لأَِنَّ الْمَال مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ كَالْخَمْرِ، وَالْمُتَقَوِّمُ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مَعَ الإِْبَاحَةِ، فَالْخَمْرُ مَالٌ لاَ مُتَقَوِّمٌ (١) .

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ عَدَمَ التَّقَوُّمِ لاَ يُنَافِي الْمِلْكِيَّةَ، فَقَدْ تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، كَمَا لَوْ تَخَمَّرَ

_________

(١) رد المحتار ٤ / ٣، وانظر البحر الرائق ٥ / ٢٧٧