الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
اسْتِحْسَانًا، لأَِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَاحِدٌ، وَلأَِنَّ خَلْطَ مَال الإِْنْسَانِ بِمَالِهِ لاَ يُعَدُّ اسْتِهْلاَكًا لَهُ بَل يَكُونُ نُقْصَانًا، فَإِذَا اخْتَارَ أَخْذَ الثَّوْبِ فَقَدْ أَبْرَأَهُ عَنِ النُّقْصَانِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ عُصْفُرًا مِثْلَهُ، ثُمَّ يَصِيرُ كَأَنَّهُ صَبَغَ ثَوْبَهُ بِعُصْفُرِ نَفْسِهِ، فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ (١) .
وَقَالُوا كَذَلِكَ: لَوْ غَصَبَ مِنْ إِنْسَانٍ ثَوْبًا وَمَنْ إِنْسَانٍ صِبْغًا فَصَبَغَهُ بِهِ: فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الصِّبْغِ صِبْغًا مِثْل صِبْغِهِ، وَيُصْبِحُ مَالِكًا لِلصِّبْغِ بِالضَّمَانِ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنَ الْغَاصِبِ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَى الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَقِيل يُبَاعُ الثَّوْبُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَنْعَقِدِ الصَّبْغُ بِهِ أُجْبِرَ عَلَى الْفَصْل وَإِنْ خَسِرَ كَثِيرًا أَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ بِالْفَصْل فِي الأَْصَحِّ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلَهُ الْفَصْل قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ نَقَصَ الثَّوْبُ بِهِ لأَِنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُل بِهِ نَقْصٌ فَكَالتَّزْوِيقِ فَلاَ يَسْتَقِل
_________
(١) بدائع الصنائع ٧ / ١٦٢.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ١٦١ - ١٦٢.