الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
مُجَرَّدُ أَمْرِ الْقَاضِي بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ يَكْفِي وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلأَِنَّ أَمْرَ الْقَاضِي نَافِذٌ عَلَيْهِ كَأَمْرِهِ بِنَفْسِهِ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ كَانَ مَا يُنْفِقُ دَيْنًا عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى اللَّقِيطِ - فَكَذَلِكَ إِذَا أَمَرَ الْقَاضِي بِهِ، وَالأَْصَحُّ أَنْ يَأْمُرَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ لأَِنَّ مُطْلَقَهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ لِلْحَثِّ وَالتَّرْغِيبِ فِي تَمَامِ مَا شُرِعَ فِيهِ مِنَ التَّبَرُّعِ فَإِنَّمَا يَزُول هَذَا الاِحْتِمَال إِذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا " لَهُ عَلَيْهِ فَلِهَذَا قَيَّدَ الأَْمْرَ بِهِ فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِ اللَّقِيطِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا وَصَدَّقَهُ اللَّقِيطُ فِي ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْل قَوْل اللَّقِيطِ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ لأَِنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ أَمِينًا فِيمَا يَنْفِي بِهِ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ إِثْبَاتُ مَا يَدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال شَيْءٌ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وُجُوبًا لأَِنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَمِرُّ الإِْنْفَاقُ عَلَى الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَعَلَى الأُْنْثَى إِلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيَدْخُل الزَّوْجُ بِهَا بَعْدَ إِطَاقَتِهَا، وَلاَ رُجُوعَ لِلْمُلْتَقِطِ بِمَا أَنْفَقَ لأَِنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ
_________
(١) المبسوط للسرخسي ١٠ / ٢١١.