الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِلاَّ أَثِمُوا جَمِيعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (١) وَلأَِنَّ فِيهِ إِحْيَاءَ نَفْسٍ، قَال تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (٢)، إِذْ بِإِحْيَائِهَا يَسْقُطُ الْحَرَجُ عَنِ النَّاسِ لأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: هَذَا إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ سَيَرَاهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يُوجَدُ غَيْرُهُ كَانَ الْتِقَاطُهُ فَرْضَ عَيْنٍ (٣) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْتِقَاطَ الْمَنْبُوذِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى سَيِّدَنَا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَقِيطٍ فَقَال: هُوَ حُرٌّ وَلأَنْ أَكُونَ وَلِيتُ مِنْ أَمْرِهِ مِثْل الَّذِي وَلِيتَ أَنْتَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، عَدَّ جُمْلَةً مِنْ أَعْمَال الْخَيْرِ، فَقَدْ رَغِبَ فِي الاِلْتِقَاطِ وَبَالَغَ فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ حَيْثُ فَضَلَّهُ عَلَى جُمْلَةٍ مِنْ أَعْمَال الْخَيْرِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي النَّدْبِ إِلَيْهِ، وَلأَِنَّهُ - نَفْسٌ لاَ حَافِظَ لَهَا بَل هِيَ مَضْيَعَةٌ فَكَانَ الْتِقَاطُهَا إِحْيَاءً لَهَا مَعْنًى (٤) .
وَهَذَا إِذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ هَلاَكُهُ، فَإِنْ
_________
(١) سورة المائدة / ٢.
(٢) سورة المائدة / ٣٢.
(٣) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٤ / ١٢٤، ونهاية المحتاج ٥ / ٤٤٤، ومغني المحتاج ٢ / ٤١٨، والمغني ٥ / ٧٤٧ ط الرياض، وكشاف القناع ٤ / ٢٢٦.
(٤) بدائع الصنائع ٦ / ١٩٨.