الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -

الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ هَل يُجْبَرُ قَضَاءً عَلَى رَدِّهَا لِصَاحِبِهَا بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ عَلاَمَاتِهَا الْمُمَيَّزَةِ أَمْ لاَ بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لاَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ إِلَى مُدَّعِيهَا بِلاَ بَيِّنَةٍ، لأَِنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ، وَلأَِنَّ اللُّقَطَةَ مَالٌ لِلْغَيْرِ فَلاَ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِالْوَصْفِ كَالْوَدِيعَةِ، لَكِنْ يَرَى الْحَنَفِيَّةُ جِوَازَ تَسْلِيمِهَا لِمُدَّعِيهَا عِنْدَ إِصَابَةِ عَلاَمَتِهَا، كَمَا يَرَى الشَّافِعِيَّةُ جِوَازَ تَسْلِيمِهَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ صَدْقُ مُدَّعِيهَا.

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ: ". فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ، وَإِلاَّ فَهِيَ لَكَ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِصَاحِبِهَا إِذَا وَصَفَهَا بِصِفَاتِهَا الْمَذْكُورَةِ، سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَدْقُهُ أَمْ لاَ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ، عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ السَّابِقِ وَفِيهِ:. . . اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ (٢) .

_________

(١) حديث: " فإن جاءها صاحبها فعرف عفاصها. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٣٤٩) من حديث زيد بن خالد الجهني.

(٢) حديث: " اعرف وكاءها وعفاصها. . . ". أخرج هذه الرواية مسلم (٣ / ١٣٤٩) .