الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ فَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ بِالْقِيمَةِ، وَبِالْعَقْرِ بِمُقَابَلَةِ الْوَطْءِ، وَمَا حَكَمَا بِوُجُوبِ قِيمَةِ اللَّبَنِ بِالاِسْتِهْلاَكِ، وَلَوْ كَانَ مَالًا لَحَكَمَا، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَأَمَّا الْمَعْقُول فَلأَِنَّهُ لاَ يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا عَلَى الإِْطْلاَقِ، بَل لِضَرُورَةِ تَغْذِيَةِ الطِّفْل، وَمَا حَرُمَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ لاَ يَكُونُ مَالًا، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنَّ النَّاسَ لاَ يَعُدُّونَهُ مَالًا، وَلاَ يُبَاعُ فِي سُوقٍ مِنَ الأَْسْوَاقِ، وَلأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الآْدَمِيِّ، وَالآْدَمِيُّ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُحْتَرَمٌ مُكَرَّمٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالاِحْتِرَامِ ابْتِذَالُهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
وَكَرِهَ بَيْعَهُ أَحْمَدُ (١) .
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ فَرْقَ بَيْنَ لَبَنِ الْحُرَّةِ وَلَبَنِ الأَْمَةِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ، لأَِنَّ الآْدَمِيَّ لَمْ يُجْعَل مَحَلًّا لِلْبَيْعِ إِلاَّ بِحُلُول الرِّقِّ فِيهِ، وَالرِّقُّ لاَ يَحِل إِلاَّ فِي الْحَيِّ، وَاللَّبَنُ لاَ حَيَاةَ فِيهِ، فَلاَ يُحِلُّهُ الرِّقُّ، فَلاَ يَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الأَْمَةِ لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ آدَمِيٍّ هُوَ مَالٌ، فَكَانَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ (٢) .
_________
(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٤٥، والفروق للقرافي وتهذيبه ٣ / ٢٤٠ - ٢٤١، ونهاية المحتاج ١ / ٢٢٧، والمغني ٤ / ٢٨٨.
(٢) بدائع الصنائع ٥ / ١٤٥.