الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
اخْتِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قَتْل كِلاَبِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ.
قَال الْحَطَّابِ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَل مِنَ الْكِلاَبِ أَسْوَدُ وَلاَ غَيْرُهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَقُورًا، مُؤْذِيًا، وَقَالُوا: الأَْمْرُ بِقَتْل الْكِلاَبِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (١) فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ كَلْبًا مِنْ غَيْرِهِ.
وَاحْتَجُّوا - كَذَلِكَ - بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْكَلْبِ الَّذِي كَانَ يَلْهَثُ عَطَشًا، فَسَقَاهُ الرَّجُل، فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَقَال: قَال ﷺ: فِي كُل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (٢) قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الأَْجْرُ فِي الإِْحْسَانِ إِلَيْهِ، فَالْوِزْرُ فِي الإِْسَاءَةِ إِلَيْهِ، وَلاَ إِسَاءَةَ إِلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ.
وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ ﵊: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ شَيْطَانٌ مَا يَدُل عَلَى قَتْلِهِ، لأَِنَّ شَيَاطِينَ الإِْنْسِ وَالْجِنِّ كَثِيرٌ، وَلاَ يَجِبُ قَتْلُهُمْ (٣) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَا لاَ يَظْهَرُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلاَ ضَرَرٌ - كَالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ - يُكْرَهُ قَتْلُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَمُقْتَضَى
_________
(١) حديث: " لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا " أخرجه مسلم (٣ / ١٥٤٩) من حديث ابن عباس.
(٢) حديث: " في كل كبد رطبة أجر ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٤٠ - ٤١) ومسلم (٤ / ١٧٦١) من حديث أبي هريرة.
(٣) مواهب الجليل ٣ / ٢٣٦ - ٢٣٧.