الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
التَّارِكُ لِلْوَفَاءِ بِهَا، وَالْعَائِدُ فِيهَا نَهْيٌ عَنْهُ: فَاعِل الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، قَال تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ فَالْمُظَاهِرُ مُحَرِّمٌ لِلْوَطْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَانِعٌ لَهَا مِنْهُ، فَالْعَوْدُ فِعْلُهُ (١)، أَيْ فِعْل الْوَطْءِ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِظِهَارِهِ.
وَبِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ، فَلاَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَهُوَ فِعْل مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ كَسَائِرِ الأَْيْمَانِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالْوَطْءِ، لأَِنَّهَا يَمِينٌ تَقْتَضِي تَرْكَ الْوَطْءِ، فَلاَ تَجِبُ كَفَّارَتُهَا إِلاَّ بِهِ كَالإِْيلاَءِ (٢) .
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الثَّالِثِ: بِأَنَّهُ لَمَّا ظَاهَرَ فَقَدْ قَصَدَ التَّحْرِيمَ، فَإِنْ وَصَل ذَلِكَ بِالطَّلاَقِ، فَقَدْ تَمَّمَ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنَ التَّحْرِيمِ، وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، فَإِذَا سَكَتَ عَنِ الطَّلاَقِ، فَذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى مَا ابْتَدَأَ بِهِ مِنَ التَّحْرِيمِ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (٣) .
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الرَّابِعِ: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ .
وَهَذِهِ الآْيَةُ تَدُل عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ إِعَادَةُ مَا فَعَلُوهُ، وَهَذَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالتَّكْرَارِ، لأَِنَّ الْعَوْدَ فِي الشَّيْءِ إِعَادَتُهُ (٤) .
_________
(١) المغني ٧ / ٣٥٣.
(٢) المغني ٧ / ٣٥٤.
(٣) تفسير الرازي ٢٩ / ٢٥٧، ومغني المحتاج ٣ / ٣٥٦.
(٤) تفسير الرازي ٢٩ / ٢٥٩، المغني ٧ / ٣٥٣.