الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ - حرف الكاف - كفارة - أسباب وجوب الكفارة - خامسا - كفارة الظهار - سقوط الكفارة بالاستثناء بالمشيئة - القول الثاني
وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ (١) وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حِنْثٍ (٢) .
وَفِي لَفْظٍ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ (٣) .
وَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ يَدُل بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ يَمْنَعُ الاِنْعِقَادَ فِي الطَّلاَقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْيْمَانِ لأَِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقِيَاسِ الظِّهَارِ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى بِجَامِعِ التَّكْفِيرِ فِي كُلٍّ، وَلَمَّا كَانَتِ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ فِيهَا وَيُمْنَعُ انْعِقَادُهَا، فَكَذَلِكَ الظِّهَارُ.
الْقَوْل الثَّانِي: عَدَمُ سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ فِي الظِّهَارِ لاِنْعِقَادِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (٤) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الطَّلاَقَ وَالْعِتَاقَ وَالْمَشْيَ وَالصَّدَقَةَ، وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ، لَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً، بَل هِيَ إِلْزَامَاتٌ، بِدَلِيل أَنَّ حُرُوفَ
_________
(١) بدائع الصنائع ٣ / ٢٣٢، ٢٣٥، وإعانة الطالبين ٤ / ٢٤، والمغني ٧ / ٣٥٠.
(٢) حديث: " أن النبي ﷺ قال: " من حلف فاستثنى فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث ". أخرجه النسائي (٧ / ١٢) .
(٣) حديث: " من حلف على يمين فقال. . . ". أخرجه الترمذي (٤ / ١٠٨) وقال حديث حسن.
(٤) حاشية الدسوقي ٢ / ١٢٩.