الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ - حرف الكاف - كفارة - أسباب وجوب الكفارة - رابعا محظورات الحج أو الإحرام - صيد حرم المدينة - القول الأول

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل﴾ وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عَلَى لَفْظِ " مَنْ ".

قَالُوا: وَمَا عُلِّقَ عَلَى لَفْظِ " مَنْ " لاَ يَقْتَضِي تَكْرَارًا، كَمَا لَوْ قَال: مَنْ دَخَل الدَّارَ فَلَهُ دِرْهَمٌ، أَوْ مَنْ دَخَلَتِ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ إِلاَّ دِرْهَمًا بِالدُّخُول الأَْوَّل، وَإِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهَا لاَ يَقَعُ إِلاَّ طَلْقَةٌ بِالدُّخُول الأَْوَّل، فَلاَ يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكْرَارِ الْقَتْل، وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾، وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرَ الاِنْتِقَامِ، إِذْ لَوْ كَانَ تَكَرُّرُ الْجَزَاءِ وَاجِبًا لَرَتَّبَهُ عَلَى الْعَوْدِ مَعَ الاِنْتِقَامِ، فَكَانَ عَدَمُ ذِكْرِهِ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ.

صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ:

٣٩ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ بِقَتْل صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: لاَ جَزَاءَ فِيهِ.

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَالرِّوَايَةُ الأُْولَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (١) .

_________

(١) المبسوط ٤ / ١٠٥، والجامع لأحكام القرآن ٦ / ٣٠٦، والمجموع ٧ / ٤٨٠، ٥١٤، والمغني ٣ / ٣٥٤.