الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ - حرف الكاف - كفارة - أسباب وجوب الكفارة - ثالثا الإفطار في نهار رمضان - وجوب الكفارة بتعمد الإفطار بالأكل والشرب ونحوهما - القول الثاني
بِالنَّهَارِ لِوُجُودِ الإِْفْسَادِ، لاَ بِاللَّيْل لِعَدَمِهِ، بِخِلاَفِ الْحَدِّ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ ﵊ جَعَل عِلَّةً لَهَا بِقَوْلِهِ: مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ. . . الْحَدِيثَ، فَبَطَل الْقَوْل بِتَعَلُّقِهَا بِالْجِمَاعِ.
وَلاَ نُسَلِّمُ أَنَّ شَهْوَةَ الْفَرْجِ أَشَدُّ هَيَجَانًا وَلاَ الصَّبْرَ عَنِ اقْتِضَائِهِ أَشَدُّ عَلَى الْمَرْءِ، بَل شَهْوَةُ الْبَطْنِ أَشَدُّ، وَهُوَ يُفْضِي إِلَى الْهَلاَكِ، وَلِهَذَا رَخَّصَ فِيهِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِئَلاَّ يَهْلِكَ، بِخِلاَفِ الْفَرْجِ، وَلأَِنَّ الصَّوْمَ يُضْعِفُ شَهْوَةَ الْفَرْجِ، وَلِهَذَا أَمَرَ ﵊ الْعَزَبَ بِالصَّوْمِ وَالأَْكْل يُقَوِّي شَهْوَةَ الْبَطْنِ، فَكَانَ أَدْعَى إِلَى الزَّاجِرِ (١) .
الْقَوْل الثَّانِي: عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِتَعَمُّدِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (٢)، وَالْحَنَابِلَةُ (٣)، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادٌ وَدَاوُدُ (٤) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْكَفَّارَةِ إِلاَّ فِيمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي الْجِمَاعِ، وَمَا سِوَاهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، لأَِنَّ الْجِمَاعَ أَغْلَظُ، وَلِهَذَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ فِي
_________
(١) تبيين الحقائق ١ / ٣٢٨.
(٢) المجموع ٦ / ٣٢٨، ٣٢٩.
(٣) المغني ٣ / ١١٥.
(٤) المجموع ٦ / ٣٢٩.