الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
التَّكْفِيرِ، فَيَجِبُ إِضْمَارُ مَا هُوَ صَالِحٌ وَهُوَ الْحِنْثُ (١) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ (٢) . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: إِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا (٣) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَيَّنَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْحِنْثِ، لأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِنَفْسِ الْيَمِينِ لَقَال ﵊: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَلْيُكَفِّرْ " مِنْ غَيْرِ التَّعَرُّضِ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَأَلْزَمَ الْحِنْثَ إِذَا كَانَ خَيْرًا ثُمَّ التَّكْفِيرَ. فَلَمَّا خَصَّ الْيَمِينَ عَلَى مَا كَانَ الْحِنْثُ خَيْرًا مِنَ الْبِرِّ بِالنَّقْضِ وَالْكَفَّارَةِ، عُلِمَ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْحِنْثِ دُونَ الْيَمِينِ نَفْسِهَا، وَأَنَّهَا لاَ تَجِبُ بِعَقْدِ الْيَمِينِ دُونَ الْحِنْثِ (٤) .
_________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٢٧٤ وما بعدها.
(٢) حديث: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢٧٢) من حديث أبي هريرة.
(٣) حديث: " إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١١ / ٦٠٨)، ومسلم (٣ / ١٢٧٠) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٤) بدائع الصنائع ٣ / ١٩، والمبسوط ٨ / ١٤٧، ١٤٨، والبحر الرائق ٤ / ٣١٦.