الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ، فَقَدْ رَوَى آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ فِي مُسْنَدِ شُعْبَةَ، وَإِسْمَاعِيل الْقَاضِي فِي الأَْحْكَامِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ كُنَّا نَعُدُّ الذَّنْبَ الَّذِي لاَ كَفَّارَةَ لَهُ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ، أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُل عَلَى مَال أَخِيهِ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَهُ قَال: وَلاَ مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ (١) .
وَقَالُوا: إِنَّ الْغَمُوسَ مَحْظُورٌ مَحْضٌ، فَلاَ يَصْلُحُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لِكَوْنِهَا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ، كَالزِّنَا وَالرِّدَّةِ (٢) .
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ (٣)، مَعَ قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ﴾ (٤) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَاتَيْنِ الآْيَتَيْنِ: أَنَّ اللَّهَ ﷿ نَفَى الْمُؤَاخَذَةَ عَنِ الْيَمِينِ اللَّغْوِ، وَهِيَ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَأَثْبَتَ الْمُؤَاخَذَةَ لِلْيَمِينِ الْمَقْصُودَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ﴾ أَيْ قَصَدْتُمْ وَصَمَّمْتُمْ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْيَمِينَ
_________
(١) فتح الباري ١١ / ٥٦٦
(٢) المبسوط للسرخسي ٨ / ١٢٨.
(٣) سورة البقرة / ٢٢٥.
(٤) سورة المائدة / ٨٩.