الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -
الذِّمَّةَ وَهُوَ رَاضٍ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَمْ يَرْضَ بِشَيْءٍ، فَلِذَلِكَ أَسْقَطْنَا عَنْهُ الْغُصُوبَ وَالنُّهُوبَ وَالْغَارَاتِ وَنَحْوَهَا.
وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلاَ يَلْزَمُهُ - وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا - مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كُفْرِهِ لاَ ظِهَارٌ وَلاَ نَذْرٌ وَلاَ يَمِينٌ مِنَ الأَْيْمَانِ وَلاَ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَلاَ الزَّكَوَاتِ وَلاَ شَيْءٌ فَرَّطَ فِيهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الإِْسْلاَمُ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ (١) .
وَحُقُوقُ الْعِبَادِ قِسْمَانِ: قِسْمٌ مِنْهَا رَضِيَ بِهِ حَال كُفْرِهِ وَاطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ بِدَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ، فَهَذَا لاَ يَسْقُطُ بِالإِْسْلاَمِ، لأَِنَّ إِلْزَامَهُ إِيَّاهُ لَيْسَ مُنَفِّرًا لَهُ عَنِ الإِْسْلاَمِ لِرِضَاهُ.
أَمَّا مَا لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ كَالْقَتْل وَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ إِنَّمَا دَخَل عَلَيْهَا مُعْتَمِدًا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُوَفِّيهَا أَهْلَهَا، فَهَذَا كُلُّهُ يَسْقُطُ، لأَِنَّ فِي إِلْزَامِهِ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ لُزُومَهُ تَنْفِيرًا لَهُ عَنِ الإِْسْلاَمِ فَقُدِّمَتْ مَصْلَحَةُ الإِْسْلاَمِ عَلَى مَصْلَحَةِ ذَوِي الْحُقُوقِ.
وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَتَسْقُطُ مُطْلَقًا رَضِيَ بِهَا أَمْ لَمْ يَرْضَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الإِْسْلاَمَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْعِبَادَاتُ وَنَحْوُهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ، وَلَمَّا
_________
(١) حديث: " الإسلام يهدم ما كان قبله. . . ". أخرجه مسلم (١ / ١١٢) من حديث عمرو بن العاص.