الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ -

مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (١) .

وَوَرَدَ أَنَّ عَمَّارًا ﵁ أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ ﷺ، وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ فَقَال لَهُ النَّبِيُّ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ (٢) قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَرُوِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يُعَذِّبُونَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ أَجَابَهُمْ إِلاَّ بَلاَلًا فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: أَحَدٌ أَحَدٌ (٣)، وَقَال النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (٤)، وَلأَِنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الإِْقْرَارِ (٥) .

وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنَّ لِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٍ وَقُيُودًا تَخْتَلِفُ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ وَبَيَانُهَا كَمَا يَأْتِي:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَى الْكُفْرِ

_________

(١) سورة النحل / ١٠٦.

(٢) حديث: " أن عمارًا أخذه المشركون. . . ". أخرجه الحاكم (٢ / ٣٥٧) وصححه ووافقه الذهبي.

(٣) حديث: " تعذيب بلال وقوله: أحد أحد. . . ". أخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٢٠٩) .

(٤) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٥٩)، والحاكم (٢ / ١٩٨) واللفظ لابن ماجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

(٥) المغني ٨ / ١٤٥ - ١٤٦، والبدائع ٧ / ١٧٦ - ١٧٧، والدردير مع الدسوقي ٢ / ٣٦٩، والشبراملسي مع نهاية المحتاج ٧ / ٢٤٧، وأسنى المطالب ٤ / ٩.