الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ - حرف الكاف - كفالة - أركان الكفالة وشروطها - الركن الخامس محل الكفالة - ثانيا - كفالة النفس - حكم الكفالة بالنفس
أ - حُكْمُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ:
٢٩ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (١)، وَالْمَالِكِيَّةُ (٢)، وَالْحَنَابِلَةُ (٣) إِلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ صَحِيحَةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ شُرَيْحٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ (٤)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَال لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾، وَلِمَا رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَْسْلَمِيُّ: أَنَّ عُمَرَ ﵁ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُل كُفَلاَءَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ (٥)، قَال ابْنُ حَجَرٍ: اسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَشْرُوعِيَّةُ الْكَفَالَةِ بِالأَْبْدَانِ، فَإِنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَْسْلَمِيَّ صَحَابِيٌّ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ عُمَرُ مَعَ كَثْرَةِ الصَّحَابَةِ حِينَئِذٍ (٦)، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ كَذَلِكَ قَوْل جَرِيرٍ وَالأَْشْعَثِ
_________
(١) ابن عابدين ٥ / ٢٨٦، وبدائع الصنائع ٦ / ٤، وفتح القدير ٦ / ٢٨٥.
(٢) الدسوقي والدردير ٣ / ٣٤٤، والمواق ٥ / ١٠٥، وبداية المجتهد ٢ / ٢٩١.
(٣) كشاف القناع ٣ / ٣٦٢، والمغني ٥ / ٩٥.
(٤) المغني ٥ / ٩٥ - ٩٦.
(٥) أثر حمزة بن عمرو الأسلمي أن عمر ﵁ بعثه مصدقًا. . . . " أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣ / ١٤٧) وعلقه البخاري في صحيحه (الفتح ٤ / ٤٦٩) .
(٦) فتح الباري ٤ / ٤٧٠ وما بعدها.