الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
مُجَرَّدِ أَصْل الإِْسْلاَمِ، وَلَهُمْ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ الصَّالِحِينَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ فَاسِقٍ، كَانَ لِلأَْوْلِيَاءِ حَقُّ الاِعْتِرَاضِ؛ لأَِنَّ التَّفَاخُرَ بِالدِّينِ أَحَقُّ مِنَ التَّفَاخُرِ بِالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْمَال، وَالتَّعْيِيرُ بِالْفِسْقِ أَشَدُّ وُجُوهِ التَّعْيِيرِ وَقَال مُحَمَّدٌ: لاَ تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الآْخِرَةِ، وَالْكَفَاءَةُ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا، فَلاَ يَقْدَحُ فِيهَا الْفِسْقُ إِلاَّ إِذَا كَانَ شَيْئًا فَاحِشًا، بِأَنْ كَانَ الْفَاسِقُ مِمَّنْ يُسْخَرُ مِنْهُ وَيُضْحَكُ عَلَيْهِ وَيُصْفَعُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُهَابُ مِنْهُ، بِأَنْ كَانَ أَمِيرًا قَتَّالًا فَإِنَّهُ يَكُونُ كُفْئًا لأَِنَّ هَذَا الْفِسْقَ لاَ يُعَدُّ شَيْئًا فِي الْعَادَةِ، فَلاَ يَقْدَحُ فِي الْكَفَاءَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْفَاسِقَ إِنْ كَانَ مُعْلِنًا لاَ يَكُونُ كُفْئًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا يَكُونُ كُفْئًا (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُرَادُ بِالدِّينِ الإِْسْلاَمُ مَعَ السَّلاَمَةِ مِنَ الْفِسْقِ، وَلاَ تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِي الصَّلاَحِ، فَإِنْ فُقِدَ الدِّينُ وَكَانَ الزَّوْجُ فَاسِقًا فَلَيْسَ بِكُفْءٍ (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِنْ خِصَال الْكَفَاءَةِ الدِّينُ وَالصَّلاَحُ وَالْكَفُّ عَمَّا لاَ يَحِل،
_________
(١) بدائع الصنائع ٢ / ٣٢٠، والمغني لابن قدامة ٦ / ٤٨٢.
(٢) مواهب الجليل ٣ / ٤٦٠.