الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
الرَّابِعُ: مَا وَقَعَتِ الشُّبْهَةُ فِي تَحْرِيمِهِ كَلَحْمِ السَّبُعِ وَيَسِيرِ النَّبِيذِ، هَكَذَا عَدَّهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى مِنْ أَقْسَامِ الْكَرَاهَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا فِي الْفُرُوعِ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِل الاِجْتِهَادِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِي جَوَازِهَا، لَكِنَّ الْغَزَالِيَّ اسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّ مَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى تَحْرِيمِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَمَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى حِلِّهِ فَلاَ مَعْنَى لِلْكَرَاهَةِ فِي حَقِّهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي شُبْهَةِ الْخَصْمِ حَزَازَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ، فَلاَ يَصْلُحُ إِطْلاَقُ لَفْظِ الْكَرَاهَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْفِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ الظَّنِّ الْحِل، وَيَتَّجِهُ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُول: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْل مَنْ يَقُول: كُل مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فَالْحِل عِنْدَهُ مَقْطُوعٌ بِهِ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (١) .
٣ - وَهَل إِطْلاَقُ الْكَرَاهَةِ عَلَى هَذِهِ الأُْمُورِ مِنَ الْمُشْتَرَكِ أَوْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي التَّنْزِيهِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ، وَهَل الْمَكْرُوهُ مِنَ التَّكْلِيفِ أَمْ لاَ وَهَل الْمَكْرُوهُ مِنَ الْقَبِيحِ أَمْ لاَ يُوصَفُ بِقُبْحٍ وَلاَ حُسْنٍ، وَهَل الْمَكْرُوهُ يَدْخُل تَحْتَ الأَْمْرِ الْمُطْلَقِ أَمْ لاَ، وَهَل هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَمْ لاَ وَهَل تَرْكُ الْمَنْدُوبِ يُعْتَبَرُ مِنَ الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا أَمْ لاَ؟ .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
_________
(١) البحر المحيط للزركشي ١ / ٢٩٧.