الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
﵁، فَبَعَثَ عُمَرُ مَعَكَ ضَاغِطًا. وَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيْنَ نِسَائِهَا، وَاشْتَكَتْ عُمَرَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ دَعَا مُعَاذًا وَقَال: بَعَثْتُ مَعَكَ ضَاغِطًا؟ قَال: لَمْ أَجِدْ مَا أَعْتَذِرُ بِهِ إِلَيْهَا إِلاَّ ذَلِكَ، فَضَحِكَ عُمَرُ ﵁ وَأَعْطَاهُ شَيْئًا، فَقَال: أَرْضِهَا بِهِ،
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (ضَاغِطًا) يَعْنِي رَقِيبًا، وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ ﷾.
وَكَانَ النَّخَعِيُّ لاَ يَقُول لاِبْنَتِهِ: أَشْتَرِي لَكِ سُكَّرًا، بَل يَقُول: أَرَأَيْتِ لَوِ اشْتَرَيْتُ لَكِ سُكَّرًا؟ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لاَ يَتَّفِقُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا طَلَبَهُ مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الدَّارِ قَال لِلْجَارِيَةِ: قَوْلِي لَهُ: اطْلُبْهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلاَ تَقُولِي: لَيْسَ هُنَا كَيْ لاَ يَكُونَ كَذِبًا.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ، فَأَمَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَاجَةِ فَلاَ؛ لأَِنَّ هَذَا تَفْهِيمٌ لِلْكَذِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّفْظُ كَذِبًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ قَال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَخَرَجْتُ وَعَلَيَّ ثَوْبٌ، فَجَعَل النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَا كَسَاكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَكُنْتُ أَقُول: جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا، فَقَال لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ اتَّقِ الْكَذِبَ وَمَا أَشْبَهَهُ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ فِيهِ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى ظَنٍّ