الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
﵁: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ (١) .
قَال ابْنُ حَجَرٍ: عَدُّ هَذَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَل قَال أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ: إِنَّ الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ كُفْرٌ، وَقَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ كُفْرٌ يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ وَلاَ رَيْبَ أَنَّ تَعَمُّدَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي تَحْلِيل حَرَامٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلاَلٍ كُفْرٌ مَحْضٌ، وَإِنَّمَا الْكَلاَمُ فِي الْكَذِبِ عَلَيْهِمَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ (٢) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَكَمَا يَحْرُمُ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ عَلَى مَنْ عَرَفَ كَوْنَهُ مَوْضُوعًا، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَال رُوَاتِهِ وَوَضْعَهُ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْوَعِيدِ مُنْدَرِجٌ فِي جُمْلَةِ الْكَذَّابِينَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَيَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﷺ: مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ (٣) .
وَلِهَذَا قَال الْعُلَمَاءُ: يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ رِوَايَةَ
_________
(١) حديث: " من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٢٠٢) ومسلم (١ / ١٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) الزواجر ١ / ٩٧.
(٣) حديث: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٩) من حديث المغيرة بن شعبة.