الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
ضُرًّا وَلاَ نَفْعًا، بَيْنَمَا هُوَ يَذْكُرُ الشَّيْءَ فَيَنْسَاهُ، وَيَسْتَلِذُّ الشَّيْءَ فَيُرْدِيهِ، وَيَرُومُ الشَّيْءَ فَلاَ يَنَالُهُ، ثُمَّ لاَ يَأْمَنُ أَنْ يُسْلَبَ حَيَاتَهُ بَغْتَةً.
هَذَا أَوْسَطُ حَالِهِ، وَذَاكَ أَوَّل أَمْرِهِ، وَأَمَّا آخِرُ أَمْرِهِ: فَالْمَوْتُ الَّذِي يُعِيدُهُ جَمَادًا كَمَا كَانَ، ثُمَّ يُلْقَى فِي التُّرَابِ فَيَصِيرُ جِيفَةً مُنْتِنَةً، وَتَبْلَى أَعْضَاؤُهُ، وَتَنْخُرُ عِظَامُهُ، وَيَأْكُل الدُّودُ أَجْزَاءَهُ، وَيَعُودُ تُرَابًا يُعْمَل مِنْهُ الْكِيزَانُ، وَيُعْمَرُ مِنْهُ الْبُنْيَانُ، ثُمَّ بَعْدَ طُول الْبِلَى تُجْمَعُ أَجْزَاؤُهُ الْمُتَفَرِّقَةُ وَيُسَاقُ إِلَى الْحِسَابِ.
وَالثَّانِي: مَنِ اعْتَرَاهُ الْكِبْرُ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا تَعَزُّزٌ بِكَمَال غَيْرِهِ، ثُمَّ يَعْلَمْ أَبَاهُ وَجَدَّهُ، فَإِنَّ أَبَاهُ الْقَرِيبَ نُطْفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَبَاهُ الْبَعِيدَ تُرَابٌ.
وَمَنِ اعْتَرَاهُ الْكِبْرُ بِالْجَمَال فَلْيَنْظُرْ إِلَى بَاطِنِهِ نَظَرَ الْعُقَلاَءِ، وَلاَ يَنْظُرْ إِلَى ظَاهِرِهِ نَظَرَ الْبَهَائِمِ.
وَمَنِ اعْتَرَاهُ مِنْ جِهَةِ الْقُوَّةِ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ آلَمَهُ عِرْقٌ عَادَ أَعْجَزَ مِنْ كُل عَاجِزٍ، وَإِنْ شَوْكَةٌ دَخَلَتْ فِي رِجْلِهِ لأَعْجَزَتْهُ، وَبَقَّةٌ لَوْ دَخَلَتْ فِي أُذُنِهِ لأَقْلَقَتْهُ.
وَمَنْ تَكَبَّرَ بِالْغِنَى، فَإِذَا تَأَمَّل خَلْقًا مِنْ الْيَهُودِ وَجَدَهُمْ أَغْنَى مِنْهُ، فَأُفٍّ لِشَرَفٍ تَسْبِقُهُ بِهِ الْيَهُودُ، وَيَسْتَلِبُهُ السَّارِقُ فِي لَحْظَةٍ، فَيَعُودُ صَاحِبُهُ ذَلِيلًا.