الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَالإِْسْرَارِ بِهَا، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِنَّ الْجَهْرَ أَفْضَل مَا لَمْ يُؤْذِ نَائِمًا وَنَحْوَهُ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ الْجَهْرُ أَنْشَطَ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ، أَوْ يَنْتَفِعُ بِهَا، فَالْجَهْرُ أَفْضَل، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ مَنْ يَتَهَجَّدُ، أَوْ مَنْ يَسْتَضِرُّ بِرَفْعِ صَوْتِهِ، فَالإِْسْرَارُ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لاَ هَذَا وَلاَ هَذَا فَلْيَفْعَل مَا شَاءَ (١)، قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، كَيْفَ كَانَ قِرَاءَةُ رَسُول اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَتْ: كُل ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَل، رُبَّمَا أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ، وَرُبَّمَا جَهَرَ (٢)، وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي اللَّيْل يَرْفَعُ طَوْرًا وَيَخْفِضُ طَوْرًا (٣) .
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ الْجَهْرُ فِي صَلاَةِ اللَّيْل مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ، وَإِلاَّ حَرُمَ، وَالسِّرُّ فِيهَا خِلاَفُ الأَْوْلَى.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الإِْسْرَارِ
_________
(١) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ١٣٨، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٣٩.
(٢) حديث عبد الله بن أبي قيس: " سألت عائشة ﵂: كيف كان قراءة النبي ﷺ. . . ". أخرجه الترمذي (٢ / ٣١١) وقال: " حديث حسن صحيح ".
(٣) حديث أبي هريرة: " كانت قراءة رسول الله ﷺ في الليل يرفع طورًا ويخفض طورًا ". أخرجه أبو داود (٢ / ٨١)، والحاكم (م ١ / ٣١٠) وصححه ووافقه الذهبي.