الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
أَحَدَهُمَا لِلنَّوْمِ، وَالآْخَرَ لِلْقِيَامِ، فَالنِّصْفُ الأَْخِيرُ أَفْضَل، لِقِلَّةِ الْمَعَاصِي فِيهِ غَالِبًا، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: يَنْزِل رَبُّنَا ﵎ كُل لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآْخِرِ، يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مِنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (١) .
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ أَثْلاَثًا، فَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ ثُلُثَيْهِ، فَالثُّلُثُ الأَْوْسَطُ أَفْضَل مِنْ طَرَفَيْهِ؛ لأَِنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَتَمُّ، وَالْعِبَادَةَ فِيهِ أَثْقَل، وَالْمُصَلِّينَ فِيهِ أَقَل، وَلِهَذَا قَال النَّبِيُّ ﷺ: ذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ مِثْل الشَّجَرَةِ الْخَضْرَاءِ فِي وَسَطِ الشَّجَرِ (٢) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الأَْفْضَل قِيَامُ ثُلُثِ اللَّيْل الآْخِرِ لِمَنْ تَكُونُ عَادَتُهُ الاِنْتِبَاهَ آخِرَ اللَّيْل، أَمَّا مَنْ كَانَ غَالِبُ حَالِهِ أَنْ لاَ يَنْتَبِهَ آخِرَهُ، فَالأَْفْضَل أَنْ يَجْعَلَهُ أَوَّل اللَّيْل احْتِيَاطًا (٣) .
أَمَّا اللَّيْل كُلُّهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ قِيَامِهِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا:
_________
(١) حديث: " ينزل ربنا ﵎ كل ليلة إلى السماء الدنيا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٢٩) ومسلم (١ / ٥٢١) .
(٢) حديث: " ذكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء. . . ". أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (٦ / ١٨١) وضعف إسناده العراقي كما في فيض القدير للمناوي (٣ / ٥٥٩) .
(٣) ابن عابدين ١ / ٤٦٠، والفواكه الدواني ١ / ٢٣٤ دار المعرفة، وحاشية الجمل ١ / ٤٩٥، ونهاية المحتاج للرملي ٢ / ١٦٢، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٣٦، ونيل المآرب ١ / ١٦٢.