الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَسْمَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ سَوَاءٌ فَاتَ لِعُذْرٍ أَمْ لاَ، فَلاَ يُقْضَى، فَلَيْسَ لِلَّتِي فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةٌ بَدَلَهَا، لأَِنَّ الْقَصْدَ مِنَ الْقَسْمِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْحَاصِل فِي الْحَال، وَذَلِكَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ، وَلَوْ قُلْنَا بِالْقَضَاءِ، لَظُلِمَتْ صَاحِبَةُ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (١) .
وَقَال الْعَيْنِيُّ نَقْلًا عَنِ الْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ: الزَّوْجُ لَوْ أَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ شَهْرًا ظُلْمًا، ثُمَّ طُلِبَ الْقَسْمُ مِنَ الْبَاقِيَاتِ، أَوْ بِغَيْرِ طَلَبٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، لَكِنَّهُ ظَالِمٌ يُوعَظُ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ يُؤَدَّبُ تَعْزِيرًا (٢) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ عَلَى الزَّوْجِ الْمَقَامُ عِنْدَ ذَاتِ اللَّيْلَةِ لَيْلًا لِشُغْلٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ تَرَكَ الْمُقَامَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ قَضَاهُ لَهَا، كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (٣) .
وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْهُمَامِ حَيْثُ قَال: وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقَضَاءِ إِذَا طَلَبَتْ، لأَِنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِيفَائِهِ (٤) .
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٤٠٠، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه ٢ / ٥٠٦.
(٢) البناية ٤ / ٣٣٢.
(٣) روضة الطالبين ٧ / ٣٦١، والمهذب ٢ / ٦٩، وكشاف القناع ٥ / ١٩٩.
(٤) فتح القدير ٢ / ٥١٨ - ٥١٩ ط. بولاق.