الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
النَّهْيُ عَنِ الْبُصَاقِ فِيهِ (١) فَالْبَوْل وَالتَّغَوُّطُ أَوْلَى، وَقَدْ وَرَدَ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَال فِي الْمَسْجِدِ فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: دَعَوْهُ: فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: " ثُمَّ إِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَعَاهُ فَقَال لَهُ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْل وَلاَ الْقَذِرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ ﷿ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (٢) .
أَمَّا لَوْ بَال فِي الْمَسْجِدِ فِي إِنَاءٍ وَتَحَفَّظَ مِنْ إِصَابَةِ أَرْضِ الْمَسْجِدِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ أَيْضًا، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا، وَهُوَ مِمَّا يَقْبُحُ وَيَفْحُشُ وَيُسْتَخْفَى بِهِ، فَوَجَبَ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبُول فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَغْسِلَهُ.
وَالْقَوْل الآْخَرُ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ ذَلِكَ بِشَرْطِ التَّحَرُّزِ، جَاءَ فِي نَوَازِل الْوَنْشَرِيسِيِّ مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ: أَجَازَهُ صَاحِبُ الشَّامِل، وَقَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ
_________
(١) (١) حديث: النهي عن البصاق في المسجد، ورد في قوله ﷺ: " البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٥١١)، ومسلم (١ / ٣٩٠) .
(٢) (٢) حديث: " أن أعرابيًا بال في المسجد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٣٢٣)، ومسلم (١ / ٢٣٦)، والرواية الأخرى لمسلم (١ / ٢٣٧) .