الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤ -
وَمَا رَوَاهُ الْمُهَاجِرُ بْنُ قُنْفُذٍ ﵁ قَال: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَبُول فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَال: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ ﷿ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ (١) وَمَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَال: إِنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَبُول، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ فَلاَ تُسَلِّمْ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ (٢) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّكَلُّمُ كَذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الْخَلاَءِ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ (٣) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِاسْتِثْنَاءِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ، قَال النَّوَوِيُّ: كَأَنْ رَأَى ضَرِيرًا يَقَعُ فِي بِئْرٍ، أَوْ رَأَى حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ إِنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحْتَرَمَاتِ، فَلاَ كَرَاهَةَ فِي الْكَلاَمِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بَل يَجِبُ فِي أَكْثَرِهَا، قَال الْقَلْيُوبِيُّ: يَجِبُ لِلضَّرُورَةِ
_________
(١) حديث المهاجر بن قنفذ: " أنه أتى النبي ﷺ وهو يبول. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٢٣)، والحاكم (١ / ١٦٧)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٢) حديث جابر بن عبد الله: " أن رجلًا مر على النبي ﷺ. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ١٢٦)، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (١ / ١٠٢) .
(٣) ابن عابدين ١ / ٢٢٩، والهندية ١ / ٥٠.