الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٤

حرف القاف

قضاء الحاجة

الألفاظ ذات الصلة

الاستنجاء

الأحكام المتعلقة بقضاء الحاجة

١ - أحكام تتعلق بكيفية قضاء الحاجة

استقبال القبلة واستدبارها

تجنب استقبال بيت المقدس واستدباره

استقبال الشمس والقمر

كيفية الجلوس عند قضاء الحاجة

التبول قائما

ترك التكلم بذكر أو بغيره

الذكر إذا كان مكان الخلاء هو مكان الوضوء

تكريم اليد اليمنى عن مس الفرج

٢ - أحكام تتعلق بأماكن قضاء الحاجة

قضاء الحاجة في طريق مسلوك وظل نافع وما في حكمهما

قضاء الحاجة تحت الشجر

قضاء الحاجة في الماء

قضاء الحاجة في المسجد

قضاء الحاجة في البقاع المعظمة

قضاء الحاجة في المقابر

قضاء الحاجة في ثقب أو نحوه

البول في الآنية

الاستتار عن الناس

الابتعاد عن الناس في الفضاء

اجتناب الدخول بما فيه ذكر الله تعالى

اجتناب حمل ما فيه اسم معظم غير اسم الله تعالى

ما يقوله إذا أراد دخول الخلاء

قضاء الحق

قضاء الفوائت

الأداء

الحكم التكليفي

أنواع العبادات من حيث تعلق القضاء بها

من يجب عليه القضاء

صفة قضاء الفوائت في السفر والحضر

صفة القراءة في قضاء الفوائت

الترتيب بين الفوائت وفرض الوقت

الترتيب بين الفوائت نفسها

فورية قضاء الفوائت

سقوط الترتيب

ضيق الوقت

النسيان

الجهل

كثرة الفوائت

فوات الجماعة

قضاء صلوات العمر

قضاء السنن

الأذان والإقامة للفوائت

قضاء الفوائت في جماعة

قضاء الفوائت في أوقات النهي

قضاء الزكاة

قضاء زكاة الفطر

قضاء الاعتكاف

قضاء مناسك الحج

قضاء الأضحية لفوات وقتها

قضاء ما فات من القسم بين الزوجات

قضاء النفقات

قضاة

الحكام

تعدد القضاة

أخذ الرزق على القضاء

قطار

التعريف

الحكم الإجمالي

الحرز

ضمان ما أتلفه القطار

قط

قطع

الأحكام المتعلقة بالقطع

قطع العبادة

قطع القدوة

قطع نبات الحرم

قطع سلعة أو عضو متآكل

قطع الطريق

قلة

قلنسوة

ما يتعلق بالقلنسوة من أحكام

حكم المسح عليها في الوضوء

حكم لبس المحرم القلنسوة

حكم لبس أهل الذمة القلانس

قنطار

قن

قنوت

القنوت في الصلاة

القنوت في الصبح

القنوت في الوتر

القنوت عند النازلة

قنية

الكنز

زكاة القنية

قهقهة

أ - الضحك

قهقهة الإمام والمأموم

قوادح

ما ترد عليه القوادح

تعدد القوادح

قوادح العدالة

قواعد

أولا القواعد الفقهية

ثانيا القواعد من النساء

قوامة

أ - الإيصاء

ب - الوكالة

أحكام القوامة

نصب القيم على مال المفقود

قوامة الزوج على زوجته

مقتضى قوامة الرجل على المرأة

قود

قول

قبول القول في الدعوى

قول الصحابي

الأحكام المتعلقة بقول الصحابي

قوة

الأحكام المتعلقة بالقوة

فضل القوة

الأخذ بأسباب القوة

اشتراط القوة فيمن يتقلد إمارة أو يوكل إليه أمر قاصر

قيء

القلس

الأحكام المتعلقة بالقيء

طهارة القيء ونجاسته

أثر القيء في الوضوء

أثر القيء في الصلاة

أثر القيء في الصوم

قياس

الأحكام المتعلقة بالقياس

حجية القياس

ما يجري فيه القياس

قيافة

العيافة

الفراسة

القرينة

الأحكام المتعلقة بالقيافة

إثبات النسب بالقيافة

شروط القائف

شروط القيافة

اختلاف القافة

الإثبات بقيافة الأثر في المعاملات

الإثبات بقيافة الأثر في الجنايات

قيام

الاضطجاع

القيام في الصلاة المفروضة

مقدار القيام

سقوط القيام

الاستقلال في القيام

صلاة القاعد خلف القائم وبالعكس

القيام في النوافل

الجمع بين القيام والجلوس في الركعة الواحدة في صلاة التطوع

القيام في الصلاة في السفينة

بقاء الداخل إلى المسجد قائما أثناء الأذان

وقت القيام للصلاة

القيام في خطبة الجمعة والعيدين ونحوهما

القيام في حال تلاوة القرآن الكريم والذكر

القيام عند الأكل والشرب

القيام للقادم والوالد والحاكم والعالم وأشراف القوم

القيام في العقوبات

إقامة الحد جلدا أو رجما أثناء القيام أو القعود

قيام الليل

التهجد

الوقت الأفضل لقيام الليل

عدد ركعاته

ترك قيام الليل لمعتاده

الاجتماع لقيام الليل

قيام ليلة الجمعة

قيام ليالي رمضان

قيام ليالي العشر من ذي الحجة

ما يستحب في قيام الليل

الافتتاح بركعتين خفيفتين

ما يقوله القائم للتهجد

كيفية القراءة في قيام الليل

إطالة القيام وتكثير الركعات

نية قيام الليل عند النوم

قيح

ب - الدم

الأحكام التي تتعلق بالقيح

انتقاض الوضوء بالقيح

قيراط

قيلولة

الاستئذان للدخول وقت القيلولة

قيمة

الثمن

المثل

ما يتعلق بالقيمة من أحكام

ما تجب فيه القيمة

أولا - في الأشياء القيمية إذا وجب ضمانها

المبيع في البيع الفاسد

وقت وجوب القيمة في البيع الفاسد

المغصوب

وقت وجوب القيمة في المغصوب

ثانيا - تعذر المثل

ثالثا - المبيع في البيع المفسوخ للاختلاف في الثمن

ما يضمن بالقيمة والمثل معا

قيميات

المثليات

أولا - من العقود ما يجوز أن يكون المعقود عليه فيها من الأموال القيمية باتفاق

البيع

ثانيا - من العقود ما يختلف الفقهاء في كون الأموال القيمية محلا للعقد فيها

السلم

القرض

الشركة

قيم

الأحكام المتعلقة بالقيم

ترتيبه في ولاية المحجورين

تصرفات القيم

حرف الكاف

كاتب

كافور

كالئ

كاهن

كبائر

اللمم

وضابط الكبيرة

تعداد الكبائر

أكبر الكبائر

الكبيرة والإيمان من حيث الزوال والنقصان والبقاء

انخرام العدالة بارتكاب الكبائر

أثر الإصرار في تحول الصغيرة إلى كبيرة

أثر الكبيرة في إحباط الثواب

العفو عن الكبائر

أثر التوبة في انتفاء الفسق عن مرتكب الكبيرة، وأثرها في تكفير الكبائر

تكفير الصغائر باجتناب الكبائر

تكفير الحج للكبائر

شفاعته ﷺ لأهل الكبائر وعدم خلودهم في النار

كبد

كبر

العجب

الجبر

مظاهر الكبر

علاج الكبر

كتاب

السجل

الرسالة

ما يتعلق بالكتاب من أحكام

أولا الكتاب بمعنى الرسالة

كتاب الزوج لزوجته بالطلاق

محو ما في كتاب الطلاق

رد جواب الكتاب

كيفية البدء في الكتاب

ثانيا الكتاب بمعنى الوثيقة والعهد

ثالثا الكتاب بمعنى كتب العلم

الاستنجاء بالكتب

مس غير المتطهر كتب العلوم الشرعية

توسد الكتب والاتكاء عليها

النظر في كتب أهل الكتاب وما يشبهها

بيع الكتب

رهن الكتب

رهن الكتب الموقوفة

إعارة الكتب واستعارتها

إصلاح الخطأ في الكتاب المستعار

إجارة الكتب

بيع كتب المحجور عليه للفلس

النظر في كتاب الغير

إتلاف الكتب

وقف الكتب

سرقة الكتب

كتابة

كتابية

كتف

ما يتعلق بالكتف من أحكام

كحل

كدك

المرصد

المسكة

الخلو

الأحكام المتعلقة بالكدك

ثبوت حق القرار لصاحب الكدك

أولا وضع الكدك في المباني الوقفية المؤجرة

ثانيا وضع الكدك في الأملاك الخاصة

وقف الكدك

بيع الكدك

الشفعة في الكدك

كذب

التزوير

تغليط الكذب على الله تعالى وعلى رسوله ﷺ

الكذب في المزاح

الكذب في ملاعبة الصبيان

الكذب في الرؤيا

من انتسب إلى غير أبيه

غش الوالي رعيته وكذبه عليهم

التحدث بكل ما سمع

الاستغناء عن الكذب بالمعاريض

كراء

كراء العقب

كرامة

المعجزة

الأحكام المتعلقة بالكرامة

الكرامة بمعنى التشريف والإعزاز

كرامة العلماء وكبار السن، وحملة القرآن وأهل الفضل

الكرامة بمعنى ظهور أمر خارق للعادة على يد غير نبي

قول من ادعى ما لا يمكن عادة

كراهة

أقسام الكراهة

خلاف الأولى

كردار

كر

كراث

البقل

ما يتعلق بالكراث من أحكام

حكم أكله وأثره في حضور الجماعة

أكل الزوجة للكراث

بيع الكراث

كركي

كره

الحب

أثر الكره في العقيدة

أثر الكره في الإمامة في الصلاة

أثر كره أحد الزوجين للآخر

كساد

كسب

الحرفة

الغنى

آداب الكسب

المفاضلة بين الكسب وبين التفرغ للعبادة

المفاضلة بين الغنى والفقر

التوفيق بين كسب الرزق وبين التوكل

أنواع الكسب

المفاضلة بين أنواع المكاسب المختلفة

سؤال القادر على الكسب

نفقة القريب العاجز عن الكسب

إجبار المفلس على التكسب

تكليف الصغير بالتكسب

التكسب في المسجد

الكسب الخبيث ومصيره

كسر

القطع

الأحكام المتعلقة بالكسر

ما يجب في كسر عظم الآدمي

دية كسر العظم

كسر آلات اللهو والصلبان وظروف الخمر

الكسر في سهام الورثة من التركة

كسوف

كسوة

أولا - كسوة الزوجة على زوجها

ثانيا الكسوة الواجبة للقريب

ثالثا الكسوة الواجبة في كفارة اليمين

كشف

الغطاء

ما يتعلق بالكشف من أحكام

ثالثا - كشف العورة خارج الصلاة

رابعا كشف العورة في الخلوة

كعب

الأحكام المتعلقة بالكعب

قطع الخفين أسفل من الكعبين في الإحرام

قطع الرجل من الكعب في السرقة والحرابة

كعبة

القبلة

ما يتعلق بالكعبة من أحكام

استقبال الكعبة في الصلاة

حكم الصلاة في جوف الكعبة

الصلاة على ظهر الكعبة

الصلاة تحت الكعبة

كفء

حكم تزويج المرأة بالكفء

حكم التزويج من غير كفء

التزويج من غير كفء برضا بعض الأولياء

امتناع الولي من تزويج الكفء

كفاءة

حكم الكفاءة في النكاح

وقت اعتبار الكفاءة

الحق في الكفاءة

خصال الكفاءة

الدين

النسب

الحرية

اليسار

السلامة من العيوب

تقابل خصال الكفاءة

تخلف ما لم ينص عليه في خصال الكفاءة

كفاءة الدميم للجميلة

كفاءة القصير لغير القصيرة

ما يترتب على تخلف الكفاءة

تزويج من لا يوجد لها كفء

تخلف الكفاءة فيمن رضي به الأولياء في نكاح سابق

تكلم الأم إن تخلفت كفاءة زوج ابنتها

كفالة

الحوالة

أركان الكفالة وشروطها

الركن الأول - صيغة الكفالة

الكفالة المنجزة

الكفالة المعلقة

الكفالة المضافة

الكفالة المؤقتة

تقييد الكفالة بالشرط

الركن الثاني - الكفيل

الركن الثالث - المكفول له

١ - كون المكفول له معلوما للكفيل

٢ - اشتراط البلوغ والعقل في المكفول له

٣ - قبول المكفول له

الركن الرابع - المكفول عنه

١ - كون المكفول عنه معلوما للكفيل

٢ - رضا المكفول عنه بالكفالة

٣ - قدرة المكفول عنه على تنفيذ محل الالتزام

الركن الخامس محل الكفالة

أولا - كفالة المال

كفالة الدين

١ - أن يكون دينا صحيحا

٢ - أن يكون واجبا في الذمة

كفالة العين

١ - العين المضمونة بنفسها

٢ - العين المضمونة بغيرها

٣ - الأمانة

ثانيا - كفالة النفس

حكم الكفالة بالنفس

مضمون الكفالة بالنفس

الضمان بالطلب

آثار الكفالة

أولا علاقة المكفول له بالكفيل

كفالة المال

حق المطالبة

تعدد الكفلاء

زمان ومكان وموضوع المطالبة

حقوق الكفيل قبل الدائن

كفالة النفس

ثانيا علاقة الكفيل بالمكفول عنه

مطالبة المدين بتخليصه من الكفالة

رجوع الضامن على المدين

١ - شروط الرجوع

٢ - كيفية الرجوع

انتهاء الكفالة

انتهاء الكفالة بصفة أصلية

١ - مصالحة الكفيل الدائن

٤ - موت الكفيل بالبدن

٥ - تسليم العين المكفولة

تراجم فقهاء الجزء الرابع والثلاثين

ابن أبي العز (٧٣١ - ٧٩٢ هـ)

ابن دينار (؟ - ٢١٢ هـ)

ابن محيصن (؟ - ١٢٣هـ)

أبو بكر بن عبد العزيز (؟ - ٢٧٥ هـ)

أبو حنيفة الدينوري (؟ - ٢٨٢ وقيل ٢٨١ هـ)

أبو رجاء العطاردي (؟ - ١٠٥ وقيل ١٠٧ هـ)

أبو سعيد بن المعلى (؟ - ٧٣ هـ)

أبو عبد الله البلالي (٧٥٠ - ٨٢٠ هـ)

أبو عبد الله الحليمي (٣٨٨ - ٤٠٣)

أبو الفرج السرخسي (٤٣٢ - ٤٩٤ - وقيل ٥٠٠ هـ)

أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي (؟ - قال الصريفيني بقي إلى حدود الأربعين ومائة هـ)

أبو نصر الحنفي (؟ - ٤٧٤ هـ)

أبو نعيم (٣٣٦ - ٤٣٠ هـ)

إسماعيل بن عبد الغني (١٠١٧ - ١٠٦٢ هـ)

الأصمعي (١٢٢ - ٢١٦ هـ)

أميمة بنت رقيقة (؟ -؟)

الخاصي (؟ - ٦٣٤ هـ)

خفاف بن إيماء (؟ - قال البغوي مات في زمن عمر ﵁

سراقة بن مالك (؟ - ٢٤ هـ)

سعيد بن أبي بردة (؟ - ١٦٨هـ)

سوار العنبري (؟ - ٢٤٥ هـ)

الشيخ القصار (؟ - ٣٩٩ هـ)

صاحب الذخائر (؟ - ٥٥٠ هـ)

صقلي (؟ - ٤٦٦ هـ)

عبد القادر التغلبي (١٠٥٧ - ١١٣٥هـ)

عبد القادر الفاسي (١٠٠٧ - ١٠٩١هـ)

عبد الله بن عتبة (؟ - ٧٤ هـ)

عبيد الله بن عدي (؟ - ٩٠هـ)

عبيد بن عمير (؟ - ٧٤ هـ)

علي بن عيسى (٣٢٨ - ٤٢٠ هـ)

المثنى بن الصباح (؟ - ٤٩ هـ)

محمد أبو السعود الحنفي (كان حيا ١١٥٥هـ)

محمد السنوسي (٨٣٢ - ٨٩٥ هـ)

مروان الأصفر (؟ -؟)

المنهاجي (٨١٣ - ٨٨٠ هـ)

المهاجر بن قنفذ (؟ -؟)

نجم الدين عمر النسفي (؟ - ٥٣٧هـ)

وجيه الدين أبو المعالي (٥١٩ - ٦٠٦هـ)

قَضَاءُ الْحَاجَةِ

التَّعْرِيفُ:

١ - مِنْ مَعَانِي الْقَضَاءِ فِي اللُّغَةِ: الْفَرَاغُ، وَمِنْهُ قَوْل الْقَائِل: قَضَيْتُ حَاجَتِي.

وَالْقَضَاءُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْقَطْعِ وَالْفَصْل، يُقَال: قَضَى يَقْضِي قَضَاءً. إِذَا حَكَمَ وَفَصَل، وَقَضَاءُ الشَّيْءِ: إِحْكَامُهُ وَإِمْضَاؤُهُ.

قَال الزُّهْرِيُّ: الْقَضَاءُ فِي اللُّغَةِ عَلَى وُجُوهٍ: مَرْجِعُهَا إِلَى انْقِطَاعِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ (١) .

وَالْحَاجَةُ: الْمَأْرَبَةُ (٢)، وَيُكَنَّى عَنْهَا فِي اسْتِعْمَال الْعَرَبِ بِالْبَوْل وَالْغَائِطِ، كَمَا يُكَنَّى عَنِ التَّبَوُّل وَالتَّغَوُّطِ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، قَال الْغَزَالِيُّ: الْكِنَايَةُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَنِ التَّبَوُّل وَالتَّغَوُّطِ أَوْلَى مِنَ التَّصْرِيحِ (٣) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الاِسْتِنْجَاءُ:

٢ - مِنْ مَعَانِي الاِسْتِنْجَاءِ: الْخَلاَصُ مِنَ

_________

(١) لسان العرب، والمصباح المنير، والقاموس المحيط مادة " قضى ".

(٢) مختار الصحاح، ولسان العرب مادة " حوج ".

(٣) حاشية كنون بهامش الرهوني ١ / ١٥٠.

الشَّيْءِ، يُقَال: اسْتَنْجَى حَاجَتَهُ مِنْهُ أَيْ خَلَّصَهَا، وَقَال ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَأْخُوذٌ مِنَ النَّجْوَةِ وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَْرْضِ، لأَِنَّهُ إِذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتَتَرَ بِهَا (١) .

وَاصْطِلاَحًا: قَال الْقَلْيُوبِيُّ: إِزَالَةُ الْخَارِجِ مِنَ الْفَرْجِ عَنِ الْفَرْجِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ (٢) .

وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالاِسْتِنْجَاءِ أَنَّ الثَّانِيَ يَعْقُبُ الأَْوَّل.

ب - الْخَلاَءُ:

٣ - الْخَلاَءُ فِي الأَْصْل الْمَكَانُ الْخَالِي.

وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (٣) .

وَالْعَلاَقَةُ أَنَّ قَضَاءَ الْحَاجَةِ يَكُونُ فِي الْخَلاَءِ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ:

١ - أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِكَيْفِيَّةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ:

أ - اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا:

٤ - ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (٤)، لِمَا رَوَى أَبُو أَيُّوبَ ﵁

_________

(١) لسان العرب.

(٢) حاشية العدوي على الخرشي ١ / ٤١، حاشية القليوبي ١ / ٤٢.

(٣) حاشية الجمل ١ / ٨٢ ط. المكتبة التجارية الكبرى، ونيل المآرب ١ / ٥١ ط. مكتبة الفلاح.

(٤) ابن عابدين ١ / ٢٨٨ ط. دار إحياء التراث العربي، وتقريرات الرافعي على حاشية ابن عابدين ١ / ٤٣ ط. دار إحياء التراث العربي، وحاشية الدسوقي ١ / ١٠٨ ط. دار الفكر، وبداية المجتهد ١ / ١٤٤، وحاشية الجمل ١ / ٨٣، ٨٤، ٨٥ ط. مطبعة مصطفى محمد، والمغني لابن قدامة ١ / ١٦٢ ط. مطبعة الرياض الحديثة، ونيل المآرب ١ / ٥٣.

قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا، أَوْ غَرِّبُوا قَال أَبُو أَيُّوبَ: " فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَل الْقِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى (١)، وَلِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلاَ يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلاَ يَسْتَدْبِرْهَا (٢) .

وَتَتَحَقَّقُ حُرْمَةُ الاِسْتِقْبَال وَالاِسْتِدْبَارِ هَذِهِ بِشَرْطَيْنِ:

١ - أَنْ يَكُونَ فِي الصَّحْرَاءِ.

٢ - أَنْ يَكُونَ بِلاَ حَائِلٍ.

وَأَمَّا فِي الْبُنْيَانِ، أَوْ إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ فَفِيهِ قَوْلاَنِ:

أَحَدُهُمَا: لاَ يَجُوزُ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّحِيحِ وَالثَّوْرِيِّ، لِعُمُومِ الأَْحَادِيثِ فِي النَّهْيِ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا فِي الْبُنْيَانِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْعَبَّاسِ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَبِهِ قَال مَالِكٌ

_________

(١) (١) حديث أبي أيوب: " إذا أتيتم الغائط. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٤٩٨)، ومسلم (١ / ٢٢٤) .

(٢) (٢) حديث: " إذا جلس أحدكم على حاجته. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٢٢٤) .

وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ ذُكِرَ لَهُ أَنْ قَوْمًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا بِفُرُوجِهِمُ الْقِبْلَةَ، فَقَال: أُرَاهُمْ قَدْ فَعَلُوهَا؟ اسْتَقْبِلُوا بِمَقْعَدَتِي الْقِبْلَةَ (١) . قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَحْسَنُ مَا رَوَى الرُّخْصَةَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، وَعَنْ مَرْوَانَ الأَْصْفَرِ قَال: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُول إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَال: بَلَى، إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلاَ بَأْسَ (٢)، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِنَهْيِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الأَْحَادِيثِ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ (٣) .

_________

(١) (١) حديث عائشة أن رسول الله ﷺ: " ذكر له أن قومًا يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ١١٧)، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (١ / ٢٣٢) في ترجمة أحد رواته، وذكر أن فيه جهالة وقال: هذا حديث منكر.

(٢) (٢) أثر ابن عمر. أخرجه أبو داود (١ / ٢٠)، والحازمي في الاعتبار (ص ٤٠) وحسنه الحازمي.

(٣) الاختيار لتعليل المختار ١ / ٣٧. ط. دار الدعوة، وابن عابدين ١ / ٢٢٨. ط. دار إحياء التراث العربي، وتقريرات الرافعي على حاشية ابن عابدين ١ / ٤٣. ط. دار إحياء التراث العربي، وحاشية الدسوقي ١ / ١٠٨. ط. دار الفكر، وحاشية الجمل ١ / ٨٣، ٨٤، ٨٥. ط. مطبعة مصطفى محمد، والمغني لابن قدامة ١ / ١٦٢ ط. مطبعة الرياض الحديثة، ونيل المآرب ١ / ٣. ط. مكتبة الفلاح، وبداية المجتهد ١ / ٨٩.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ اسْتِدْبَارُ الْكَعْبَةِ فِي الْبُنْيَانِ وَالْفَضَاءِ جَمِيعًا، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُقَابِلٍ لِلْقِبْلَةِ، وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ يَنْحَطُّ نَحْوَ الأَْرْضِ بِخِلاَفِ الْمُسْتَقْبِل، لأَِنَّ فَرْجَهُ مُوَازٍ لَهَا وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ، يَنْحَطُّ إِلَيْهَا (١) .

وَبِهِ قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ (٢) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ ﵄ قَال: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْضِي حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِل الشَّامِ (٣) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ: لاَ تُسْتَقْبَل الْقِبْلَةُ بِبَوْلٍ وَلاَ تُسْتَدْبَرُ بِغَائِطٍ، لأَِنَّ الاِسْتِقْبَال جَعْل الشَّيْءِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ وَالاِسْتِدْبَارَ جَعْل الشَّيْءِ جِهَةَ دُبُرِهِ، فَلَوِ اسْتَقْبَل وَتَغَوَّطَ أَوِ اسْتَدْبَرَ وَبَال لَمْ يَحْرُمْ، وَكَذَا لَوِ اسْتَقْبَل وَلَوَى ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا بِخِلاَفِ عَكْسِهِ (٤) .

فَإِنْ جَلَسَ مُسْتَقْبِلًا لَهَا غَافِلًا، ثُمَّ تَذَكَّرَ انْحَرَفَ نَدْبًا، لِحَدِيثِ: مَنْ جَلَسَ يَبُول

_________

(١) (٢) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ١ / ١١٤ طبع دار الكتب الحديثة، والمغني لابن قدامة ١ / ١٦٣.

(٣) (٣) حديث ابن عمر: " ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٢٥٠)، ومسلم (١ / ٢٢٥) واللفظ للبخاري.

(٤) حاشية الجمل ١ / ٨٣.

قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ، فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إِجْلاَلًا لَهَا، لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ (١) هَذَا إِنْ أَمْكَنَهُ وَإِلاَّ فَلاَ بَأْسَ (٢) .

وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا لِلْمَرْأَةِ إِمْسَاكُ صَغِيرٍ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، لأَِنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْفِعْل مِنَ الْمَرْأَةِ (٣) .

ب - تَجَنُّبُ اسْتِقْبَال بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ:

٥ - فِي اسْتِقْبَال بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ قَوْلاَنِ:

الأَْوَّل: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَهَذَا قَوْل الشَّافِعِيَّةِ، وَظَاهِرُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، قَال النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ (٤) .

الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلاَ مَكْرُوهٍ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَهِيَ الْمَذْهَبُ.

قَال الْحَطَّابُ الْمَالِكِيُّ: لاَ يُكْرَهُ اسْتِقْبَال بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلاَ اسْتِدْبَارُهُ حَال قَضَاءِ

_________

(١) ابن عابدين ١ / ٢٢٨.

(٣) نفس المرجع السابق.

(٤) المجموع ٢ / ٨٠، ومغني المحتاج ١ / ٤٠، ونيل الأوطار ١ / ٩٥، ٩٦.

الْحَاجَةِ، هَكَذَا قَال سَنَدٌ، لأَِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لَيْسَ قِبْلَةً (١) .

ج - اسْتِقْبَال الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ:

٦ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَال الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لأَِنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْبَاهِرَةِ، فَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُمَا تَعْظِيمًا لَهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِقْبَال عَيْنِهِمَا مُطْلَقًا لاَ جِهَتِهِمَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَاتِرٌ يَمْنَعُ عَنِ الْعَيْنِ وَلَوْ سَحَابًا فَلاَ كَرَاهَةَ، لأَِنَّهُ لَوِ اسْتَتَرَ عَنِ الْقِبْلَةِ جَازَ، فَهَاهُنَا أَوْلَى (٢) .

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِقْبَالُهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلاَفُ الأَْوْلَى عِنْدَهُمْ (٣) .

وَأَمَّا اسْتِدْبَارُهُمَا فَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (٤) .

وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُمَا أَيْضًا.

وَهُوَ مَا نُقِل عَنِ الْمِفْتَاحِ: وَلاَ يَقْعُدُ مُسْتَقْبِلًا لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَلاَ مُسْتَدْبِرًا لَهُمَا لِلتَّعْظِيمِ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: وَقِيل يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُمَا (٥) .

_________

(١) مواهب الجليل والمواق ١ / ٢٨١، الفروع ١ / ٤٥، ٤٦، وكشاف القناع ١ / ٥٤، القليوبي على شرح المنهاج ١ / ٣٩.

(٢) ابن عابدين ١ / ٢٢٨، وحاشية الجمل ١ / ٨٥، والمغني ١ / ١٦٣.

(٣) حاشية الدسوقي ١ / ١٠٩.

(٤) ابن عابدين ١ / ٢٢٨، وحاشية الدسوقي ١ / ١٦٢، وحاشية الجمل ١ / ٨٥.

(٥) ابن عابدين ١ / ٢٢٨، ومغني المحتاج ١ / ٤٠.

د - اسْتِقْبَال مَهَبِّ الرِّيحِ:

٧ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ إِذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا رَقِيقًا أَنْ يَسْتَقْبِل مَهَبَّ الرِّيحِ، لِئَلاَّ يُصِيبَهُ رَشَاشُ الْخَارِجِ فَيُنَجِّسَهُ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ: وَلَوْ كَانَتِ الرِّيحُ سَاكِنَةً لاِحْتِمَال تَحَرُّكِهَا وَهَيَجَانِهَا (١) .

وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَسَارِهَا، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَوْدُ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ لأَِنَّ الاِسْتِقْبَال أَفْحَشُ (٢) .

هـ - كَيْفِيَّةُ الْجُلُوسِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ:

٨ - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ أَنْ يُوَسِّعَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فِي جُلُوسِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَيَعْتَمِدَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، لِمَا رَوَى سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: عَلَّمَنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا دَخَل أَحَدُنَا الْخَلاَءَ أَنْ يَعْتَمِدَ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى (٣) وَلأَِنَّهُ أَسْهَل لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَيَجْتَهِدَ فِي الاِسْتِفْرَاغِ مِنْهُ، وَلاَ يُطِيل الْمُقَامَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ، وَرُبَّمَا آذَى مَنْ يَنْتَظِرُهُ.

_________

(١) ابن عابدين ١ / ٢٢٩، وحاشية الدسوقي ١ / ١٠٧، وحاشية الجمل ١ / ٨٩، والمغني ١ / ١٦٣، ونيل المآرب ١ / ٥٢.

(٢) ابن عابدين ١ / ٢٢٨.

(٣) (٣) حديث سراقة بن مالك: " علمنا رسول الله ﷺ إذا دخل أحدنا الخلاء. . . ". أخرجه البيهقي (١ / ٩٦)، وقال ابن حجر في التلخيص (١ / ١٠٧) وفي إسناده من لا يعرف.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ حَال الْجُلُوسِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَلأَِنَّهُ حَال كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَيَسْتَحْيِي فِيهَا مِنَ اللَّهِ ﷿ وَمِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَقِيل: لأَِنَّهُ أَحْفَظُ لِمَسَامِّ الشَّعْرِ مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِهَا فَتَضُرُّهُ، وَيَلْبَسُ حِذَاءَهُ لِئَلاَّ تَتَنَجَّسَ رِجْلاَهُ، وَلاَ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ قَبْل أَنْ يَدْنُوَ إِلَى الْقُعُودِ (١) .

و التَّبَوُّل قَائِمًا:

٩ - يُكْرَهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَبُول الرَّجُل قَائِمًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَال قَائِمًا فَلاَ تُصَدِّقْهُ (٢)، وَقَال جَابِرٌ ﵁: نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يَبُول الرَّجُل قَائِمًا (٣) .

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهَا فِي الإِْنْصَافِ: لاَ يُكْرَهُ وَلَوْ بِلاَ حَاجَةٍ إِنْ أَمِنَ تَلَوُّثًا أَوْ نَاظِرًا، وَالْمَذْهَبُ كَقَوْل الْجُمْهُورِ، قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَقَدْ رُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ - يَعْنِي الْبَوْل مِنْ قِيَامٍ - عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ

_________

(١) ابن عابدين ١ / ٢٢٩، ٢٣٠، وحاشية الدسوقي ١ / ١٠٦، حاشية الجمل ١ / ٨٣، ونيل المآرب ١ / ٥٣، والمغني لابن قدامة ١ / ١٦٦. .

(٢) حديث عائشة: " من حدثك أن رسول الله ﷺ بال قائمًا. . . ". أخرجه أحمد (٦ / ١٩٢) .

(٣) حديث جابر: " نهى رسول الله ﷺ أن يبول الرجل قائمًا ". أخرجه البيهقي (١ / ١٠٢) وذكر تضعيف أحد رواته.

وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَهْل بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُرْوَةَ ﵃.

فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ اتِّفَاقًا، قَال الشَّافِعِيَّةُ: بَل وَلاَ خِلاَفَ الأَْوْلَى، لِمَا وَرَدَ عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَال قَائِمًا، فَتَنَحَّيْتُ فَقَال: ادْنُهْ، فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ (١) .

وَسَبَبُ بَوْلِهِ قَائِمًا مَا قِيل إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي بِهِ لِوَجَعِ الصُّلْبِ، فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ، قَال النَّوَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيُفْهَمُ مِثْل ذَلِكَ مِنْ تَعْلِيل الْحَنَابِلَةِ (٢) .

وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ، فَرَأَوْا أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَكَانُ رَخْوًا طَاهِرًا كَالرَّمَل جَازَ فِيهِ الْقِيَامُ، وَالْجُلُوسُ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَسْتَرُ، وَإِنْ كَانَ رَخْوًا نَجِسًا بَال قَائِمًا مَخَافَةَ أَنْ تَتَنَجَّسَ ثِيَابُهُ، وَإِنْ كَانَ صُلْبًا طَاهِرًا تَعَيَّنَ الْجُلُوسُ لِئَلاَّ يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَوْل، وَإِنْ كَانَ صُلْبًا نَجِسًا تَنَحَّى عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلاَ يَبُول فِيهِ قَائِمًا وَلاَ قَاعِدًا (٣) .

_________

(١) (١) حديث حذيفة: " أن النبي ﷺ أتى سباطة قوم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٣٢٨)، ومسلم (١ / ٢٢٨) واللفظ لمسلم.

(٢) رد المحتار ١ / ٢٢٩، ٢٣٠، والمجموع ٢ / ٨٥، وشرح البهجة ١ / ١٢١، والمغني ١ / ١٦٤، والإنصاف ١ / ٩٩.

(٣) حاشية الدسوقي ١ / ١٠٤، ١٠٧، والحطاب ١ / ٢٦٧.

الصفحة السابقة